بحـث
المواضيع الأخيرة
القيامة
النوفلي :: المواضيع الدينية :: عظات
صفحة 1 من اصل 1
القيامة
القيامة
«ٱلَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ ٱلْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مِنَ ٱلأَمْوَات» (1بطرس 1: 3) «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بطرس 1: 3) بهذه الأنشودة الرائعة استهل الرسول بطرس رسالته الأولى، فبين لنا من اختباره الشخصي مدى ما يفعله رجاء القيامة في حياة الذين عرفوا يسوع في قوة قيامته وشركة آلامه. ومن غير سمعان بن يونا شاهد العيان الذي في ساعة ضعف انهزمت محبته، فأنكر سيده ثلاثاً وكاد يهلك لو لم تتداركه رحمة المسيح بالغفران. من غيره يستطيع أن يحدثنا عن قوة القيامة في إقامة الهمم الساقطة. ومن غير الرسول الذي أنهض من كبوته يستطيع أن يحدثنا عن فعل القيامة في ترميم حياة الذين تعرضوا لغربلة الشيطان؟ ومن غير التلميذ الذي صلى يسوع لأجله لكي لا يفنى إيمانه، يستطيع أن يحدثنا عن عمل إيمان ابن الله في حياة الذين قبلوه؟ أو ليست قوة القيامة هي التي جعلت من سمعان بن يونا المتقلب، بطرس ذا الرأي الممكن، الذي دعي ليثبت إخوته الذين نالوا إيماناً ثمينا ببر إلهنا. أو ليست قوة القيامة هي التي جعلت من الرعديد الذي أخافه ظل الصليب بطلاً مقداماً، وشهيداً يلتمس من قاتليه أن يصلبوه ورأسه الى أسفل؟ أو ليست هي قوة القيامة التي جعلت من الصياد العامي كاتبا بارعا في موضوع الرجاء الحي، ومفكرا عميقا يفلسف البلوى المحرقة ويحسبها امتحان ايمان واشتراكا في آلام المسيح كمقدمة للاشتراك في أمجاده؟
أجل، انها قوة القيامة وقد ظهرت آثارها في حياته وأفكاره وشهادته. وانطلاقاً من منظر القبر الفارغ أدى شهادته الرائعة أمام الرؤساء والشعب بأن الله أقام يسوع من الأموات، وبأن قيامته حدثت وفقا للنبوة القائلة «لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا» (أعمال 2: 27).
أيها الأحباء
انكم لتذكرون معي قول الرب يسوع: «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ» (يوحنا 12: 24). هذا هو سر الحياة المنتصرة، انها تنطلق من الصليب والقيامة على أجنحة الرجاء الحي. وهذا السر تكشف لبطرس على ضوء قيامة رب المجد، فاختبره في حياته ثم كتبه ليكون درسا للأجيال القادمة. فقد كان موت المسيح موتا لآماله، وكان دفن المسيح دفنا لدعوته، وكان قبر المسيح قبراً لرجائه. ولكن ما أن قام المسيح منتصراً على الموت ومتحدياً القبر والحجر الكبير، حتى تفجر ينبوع حياة جديدة بقوة قيامته في سمعان بن يونا. فبعثت آماله وترممت دعوته وتزكى رجاؤه!
فصار بطرس رجل الله ورسول يسوع المسيح، لإشاعة الرجاء في قلب من لا رجاء لهم. ويقينا انه لانقلاب جذري في حياة الصياد وفي أقواله وفي مواقفه. وأول ما لوحظ عنده، هو أن قيامة يسوع من الأموات صارت موضوعا رئيسيا لكرازته. وأصبحت الشركة في آلام المسيح من أبرز تعاليمه في موضوع بلوغ الفرح الحقيقي في استعلان مجد المسيح. ومن لا يذكر وصيته للأجيال حين قال: «كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِين!» (1بطرس 4: 13).
أيها الأحباء
حين نتتبع تصرفات بطرس في الليلة التي اسلم يسوع فيها، نرى ان علة سقوط مقدام التلاميذ، كان ذلك الضعف الذي غزى نفسه منذ أن منعه الرب من المقاومة في جثسيماني. فهذا الضعف لم يلبث أن تحول الى خيبة حين رأى سيده يساق الى الموت بقسوة، دون أن يفتح فاه. وهذه الخيبة ما عتمت ان تحولت الى هزيمة نكراء حين علق المعلم على صليب العار بين لصين. وهزيمته تحولت الى يأس حين رآه يوضع في القبر ويختم عليه. فحزن وابتأس وتمررت نفسه ومات رجاؤه. ولكن هذا كله لم يكن سوى نهاية قصة سمعان بن يونا، صياد السمك، لتبدأ قصة سمعان بطرس صياد الناس.
فالقبر مع حجره الكبير وحراسه شاكي السلام لم يستطع احتجاز رب الحياة، ولهذا قال بطرس محمولا باليقين نحن: «لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَه» (2بطرس 1: 16). كان ينبغي ان يقوم لأنه هكذا قال: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ» (يوحنا 2: 19). وقد أقامه حقا ويقينا وانهزم الموت وفشل القبر ودحر الفناء.
قام يسوع قوياً، فوهب الحياة والقوة لكل من آمن بموته وقيامته وصعد الى السماء فوق كل اسم وسيادة ورياسة وسلطان. «لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ ٱلأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلآبِ» (فيلبي 2: 10 و11). أجل هكذا عملت القيامة في بطرس، وقد بدأ أولا في جرأته، فهذا الجليلي الذي ارتجفت ركبتاه، وهلع قلبه وخارت عزيمته على أثر سؤال خادمة في دار قيافا. هو نفسه صار جبار بأس يقف في وجه الرؤساء موبخا في الهيكل اذ قال: اسمعوا هذا الأقوال، «يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا ٱللّٰهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ. هٰذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ ٱلسَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ ٱللّٰهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ ٱلْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ» (أعمال 2: 22-24).
وما أعظم تلك القوة التي انبعثت من قيامة رب المجد عبر الصياد لتعمل في نفوس السامعين تقريعا وتبكيتا. اذ نقرأ في سفر الأعمال انهم نخسوا في قلوبهم، وقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف.
ثانيا في رجائه، فقد بعث فيه رجاء حي بقيامة يسوع وبدت آثار هذا الرجاء في سلوكه منذ أن رمم الرب المقام دعوته على شاطئ بحيرة طبريا. واستطاع بقوة هذا الرجاء الحي أن يتمم وصية المسيح الاخيرة «ارع خرافي». ومن اختباره كراع للخراف، علم رعاة الأجيال كيف يرعون رعية الله، لا عن اضطرار بل بالاختبار لا بالربح القبيح بل بنشاط. ولا كمن يسود على الأنصبة بل صائرين أمثلة للرعية. وهذا الرجاء عينه ظهر في حياة بولس بعد أن تقابل مع الرب المقام على طريق دمشق. فكتب لنا اختباره الرائع عن القيامة، اذ قال: أقامنا معه وأجلسنا معه في السمويات ليظهر في الدهور الاتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا. وقد ظهر هذاالغنى المنطلق من رجاء القيامة فعلا خلال الدهور التي تعاقبت في حياة كل الذين آمنوا.
واننا لنراه كل يوم في حياة أولاد الرب أشد قوة من أي يقين ملموس. فهو معجزة الايمان الذي يرى ما لا يُرى، ويعمل بحسب غنى المسيح الذي لا يستقصى. وسيظهر في حياة كل الذين عمرت قلوبهم بالايمان بقيامته. وبانتظار اليوم الذي فيه سيأتي الرب لكي يأخذهم سيحيا هؤلاء المختارون بحياته ويتقدسون يوما فيوما في حقه. ويمتدون الى ما هو قدام، ويسعون نحو الغرض، لاجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع.
توفي شاب مسيحي في القرن الثالث، فحزن والده حزناً شديداً إلا أنه لم يفقد التعزية في الرب. وبينما هو سائر لدفن وحيده في سراديب روما مر بقبور أموات القرن الثالث فقال: آه! يا ابني هوذا أجداث إخوتنا ولعلهم أحياء ولعلك أنت حي أيضا. ولما مر بقبور القرن الثاني، تقوى قلبه بالرجاء فقال: يا ابني هذه قبور آبائنا الذين سبقونا في المسيح وقد يكونون أحياء وقد تكون أنت حياً مثلهم. وأخيراً مر بمدافن القرن الأول، فانفجر نور القيامة في قلبه وتلألأ رجائه ولم يلبث ان قال: يا ابني هوذا رموث أجدادنا وهم أحياء في المسيح وأنت حي حقا ويقينا.
قال كاتب الرسالة الى العبرانيين: «لِنُمْسِكَ بِٱلرَّجَاءِ ٱلْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، ٱلَّذِي هُوَ لَنَا كَمِرْسَاةٍ لِلنَّفْسِ مُؤْتَمَنَةٍ وَثَابِتَةٍ، تَدْخُلُ إِلَى مَا دَاخِلَ ٱلْحِجَابِ، حَيْثُ دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِقٍ لأَجْلِنَا» (عبرانيين 6: 18-20). ويقينا انه بدون الرجاء الموضوع تصبح الحياة بدون هدف مملة جافة يائسة بائسة.
قال أبو العلاء المعري، الفيلسوف المتشائم: تعب كلها الحياة فما أعجب منها الا طالب في ازدياد وقوله هذا يدل على تبرم بالحياة وفقدان الرجاء ومسكين هو الإنسان بدون الرجاء لأن فقدان الرجاء هو موت معنوي.
عرفت سيدة في جنوب لبنان حكمت أعباء المعيشة على زوجها بالاغتراب وعليها هي بالوحشة. فظنت انها تستطيع التخفيف من وطأة وحشتها بالانصراف الى مباهج الحياة. فراحت ترتاد دور السينما وتكثر من الولائم لصديقاتها وجاراتها. وكرست قسما من وقتها لزيارة بيوت الأزياء ومخازن مواد التجميل. ولكن لا السينما استطاعت ان تملأ فراغ نفسها ولا الصديقات قدرت لها ولائمها. ولا الثياب الجميلة التي عمرت بها خزانة ملابسها قدرت ان تشبع نهمها الى الموضة. ولا مواد التجميل استطاعت ان تشبع خيلاءها وغرورها. فبقيت في وحشتها وبقيت في مللها وبقيت في ضجرها. ثم أخذ فراغ نفسها يتسع ويتسع كل يوم وقد شرحت لي حالها ذات يوم بهذه الكلمات: أنا حزينة أنا قرفانة من الحياة. لقد مللت الناس ومللت من نفسي أيضا. أنا ميتة معنويا ولست أعلم السبب.
فقلت لها: يا سيدة ان السبب ظاهر وهو انك تعيشين بلا هدف. لقد وضعت رجاءك كل رجاءك على العالم وعلى الأشياء التي في العالم. غير عالمة ان كل ما في العالم هو شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة. وهذه كلها لا تستطيع ان تشبع نفسك أو تخرجك من مللك ووحشتك. هناك شخص فريد وحيد يستطيع ان يخرجك من قوقعة غرور نفسك. وهذا الشخص هو يسوع القادر ان يشبع نفسك ويرويها الى الملء والى الفيض. لأن يسوع أمامه شبع سرور وفي يمينه نعم الى الأبد. أنت في حاجة الى حلول يسوع في قلبك لكي يقيمك معه، وحينئذ تطلبين ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله. وحينئذ يثير المسيح فيك رجاء المجد فتصبح سيرتك في السمويات. وحينئذ لا تتعتى متعتك الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب بل زينة النفس التي عرفها الرسول انسان القلب الخفي العديم الفساد. زينة الروح الوديع الهادي الذي هو قدام الله كثير الثمن. فانه هكذا كانت قديما النساء القديسات المتوكلات على الله. ليت الرب يعطينا النعمة والحكمة لكي نتقوى برجاء القيامة. ونسلك بلياقة كمن قاموا مع المسيح وأصبح اهتمامهم بما فوق.
طلال فؤاد حنوكة ايشوعي- عدد الرسائل : 1971
العمر : 63
تاريخ التسجيل : 31/03/2010
النوفلي :: المواضيع الدينية :: عظات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz
» رمش عيد ختان الرب 2022
الخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» الجمعة الرابعة من السوبارا
الأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا
الخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz
» شبح لالاها معشنان
الثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz
» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz
» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz