بحـث
المواضيع الأخيرة
عظة الميلاد .. ألهنا قريب
النوفلي :: المواضيع الدينية :: عظات
صفحة 1 من اصل 1
عظة الميلاد .. ألهنا قريب
عيد الميلاد ... إلهنا قريبُ منّا
يعرفُ الله أن قداستهُ وسمّوه هما أعظمُ من أن يبلغَ إليها الإنسان، ولأنهُ يُحبُ الإنسان، كلَّ إنسان، ويُريد أن يكون معهُ، صارَ بشراً وحلَّ بيننا، فأنعمَّ علينا بأن نعرفهُ، وهذا كلّهُ لأن الله محبّة، والمحبة تبحثُ عن القُربِ وتضمُ إليها كلَّ إنسان، لاسيما الفقراء والمعوزين. هذا هو أهمُّ ما يُعلمنا إياه ميلادُ ربّنا يسوع. وهذه هي نعمةُ الميلاد الكُبرى: الله قريبُ منّا، الله معنا؛ عمانوئيل.
ولكنَّ كيف نقبل هذه النعمةَ؟ وكيف ننعمُ بها؟
تُعلّمنا أمنّا مريم الكثير عن هذا القبول. فهي كانت مُستعدة لإستقبالهِ وأعدّت لذلك القُمطَ اللازمة إلى جانبِ الشوقِ العظيمِ الذي جعلها تنتظرُ لحطةَ الولادة هذه بلهفة. العالمُ مُنشغلٌ من حولها بأمور كثيرة تمنعهُ من الشعور بحضورِ الله وقُربهِ، أمّا مريمُ فأظهرَت إستعداداً كلّفها الكثير من العناء. ولكن فرحةَ حضورِ الله غمرَت حياتها، وكانت قد هيأّت لمولده الطفل ما يلزمُه لينعمَ بنومٍ هادئ، واستقبَلت المُهنئينَ والرعاة بفرحٍ متأملةً كلَّ لحظةٍ في حياتها. وهي تسألنا اليومَ أيضاً: ما هي إستعدادتنا؟ وما الذي هيأناهُ لميلادِ يسوع بيننا؟ أهو تسوّقٌ لإحتفلاتٍ عابرة؟ أو توسلٌ وتضرعٌ لله ليبقَ معنا؟
توجهت الملائكةُ لتُبشِرَ الرعاةَ الذين كانوا ساهرينَ يحرسونَ مواشيهم. والساهرُ إنسان ينتظرُ الفجرَ حتّى يُريحُ أفكارهُ وتخمُدَ مخاوفهُ. إنسانٌ يَقظٌ وحساسُ لكلِّ حركةٍ أو صوتٍ: "إسهروا وصلّوا". لهؤلاء ظهرَ ملاك الربِّ يُبشرهم: "وُلِدَ لكم اليوم مُخلصٌ"، وأظهرَ الرُعاة فعلَ إيمانٍ أصيل، إذ كانوا ساهرينَ فقبلوا الخبرَ، وأسرعوا ليروا مجدَ الله الذي انحنى نحو الإنسانِ من دونِ أن يُخيفَ الإنسان.
سَمِعَ الرُعاة بشارةَ الملائكةِ وآمنوا بها، وهذا الإيمان حرّكهم ليُغيروا حياتهم، فلم يبقوا حيثما هم، بل توجهوا نحو بيتَ لحمَ، حيثُ أرادَ الله أن يكونَ. أسرعوا إلى بيتَ لحمَ لرؤيةَ الطفل الذي حدّثهم عنه الملاكُ مثلما أسرعت مريمُ لزيارةِ أليصابات التي أنعمَ الله عليها بحبلٍ بعد عُقمٍ طويل (لو 1: 39). لم يخافوا ظلامَ الليل وأخطارهِ مثلما لم يخف تلميذا عمّاوس العودة إلى أورشليم، بل أسرعا إليها يُبشرانَ التلاميذ الخائفينَ بقيامةِ ربّنا يسوع (لو 24: 13- 35). وهكذا حَظيَّ الرُعاة بأن يكونوا أولَ من شاهدَ يسوعَ لأنَّهم أعطوا الأولويةَ لله لا لأشغالهم، فمشوا حيثما أرادهم الله أن يكونوا، وبيّنوا أنَ لكلمَتِهِ الأولويةَ في حياتهِم، وعرفوا أنَ الله أرادَ أن يكون للعالم خُبزاً فوُضِعَ حيثُ يُوضعَ العلفُ؛ طعام الحيوانات، وُضِعَ في مذودٍ.
إلهنا قصّر المسافة التي أبعدتهُ عن الإنسانِ فجاءَ هو إلى الإنسان، وسهّل الطريقَ ليعرفهُ الإنسانُ، فأضحى طفلاً يُحَب، طفلاً يقبلهُ كلُّ إنسانٍ لأنه لا يُشكلُ تهديداً، بل قوّتهُ تكمنُ في ضعفهِ، وضعفهُ يجعلهُ لدى من قبل الجميع، لأنه يدفعُ الإنسانَ أن ينظرَ إليهِ؛ هو طفلٌ رضيعُ، يطيب لكلّ إنسانٍ نحو أن يحملهُ على كتفهِ ويُقبّلهُ ويرفعهُ عالياً، ويُهدءُ مشاعرَ الغضبِ والحسدِ والعداوةِ التي طالما أرهقت الكبارَ. الطفلُ وحدهُ قادرٌ على هذا كلّهِ. الطفلُ الرضيع وحدهُ قادرٌ على أن يُخرجنا من ظلمةِ الخطيئة التي أكتنفت حياتنا باشكالٍ عديدة: الحروب والمجاعات والخصومات التي تُفرّق الإنسان عن قريبهِ، فجاءَ الله ليجمعنا حولهُ من جديد.
إنَّ هذه الولادة هي لنا. هكذا تُصلّي ليتورجيّتنا المُقدسة اليوم: "نُسبّحُ جميعاً المولودَ العجيبَ الذي وُلِدَ لنا، الذي بهِ أشرقَ نورٌ حقيقيٌّ على الجالسينَ في الظلامِ. لذلكَ فإننا مع الجموع ِالسماوية نهتفُ ونقولُ: "المجدُ لله في العُلى، وعلى الأرضِ السلام والأمان، والرجاءُ الصالحُ لبني البشر. فإنه في نهاية الأزمنةِ الأخيرة ظهرَ بالجسدِ من جنسنا، وعلّمنا أن نعترِفَ بهِ وحدهُ خالقَ الكل". هذا الإعتراف، وهذا الهُتاف، لن يكونانِ إلا بقبولِ هذا الميلاد. وقبولُ الميلادِ لن يكون بما أنفقناه من مصروفاتٍ، بل بما نُظهرهُ من الإيمانٍ بهذا الميلاد. والإيمانٌ يدفعنا إلى أن نُنشِد مع الملائكةِ تسبحةَ السماء: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام". إنها التسبحة التي تجعلنا نُبادرَ بالسلامَ تجاهَ كلّ منَ ابتعدَ عنّا أو أبعدناهُ عنّا، تسبحة تُهدينا إلى حيثُ الله، والله حاضرٌ بيننا دوماً؛ هو عمّانوئيل.
فلنترُك مخاوفنا جانباً، مخاوفنا من الناس ومن الحاضِر ومن المستقبل، ولنَسر إلى بيتَ لحمَ ونُعلِن إيماننا بأنَّ طريقكَ يا ربُّ هو طريقُ الحياةِ لكلِّ إنسان. فكثيراً ما يسعى ليبنيّ عالمهُ من دونِ الله، فثارت الأحقادُ وانتشرَ العُنفُ والإنقسامات، وانفجرت الخصومات والصراعات واشتعلت نيرانُ الحروبِ في كلِّ مكانِ، بدءً من قلوبنا الأسيرة بهمومٍ وقلقٍ كبيرين.
جئتنا يا ربُّ بين أحضانِ عائلةٍ بشرية لتُخبِرَ العالمَ بأنَّ العائلة، الأب والأم، هي المكانُ الأصيل لينعمَ الإنسان بحياةٍ كريمةٍ. ولادتُك مبعثُ فرحٍ للخليقةِ مثلما أنَّ ولادة كلِّ إنسان فرحةٌ للكونِ كلّهِ. فإذا أرادَ الله أن يكونَ قُربَ الإنسان، فكيف يُمكن للإنسان أن يبتعِد عنهُ؟ هذا ما يُريده الله أن يُبشرّنا به اليوم ويقول لنا: لقد صرتُ قريباً منكم، صرتُ واحداً منكم، وكلُّ ما أحتاجهُ منكَ يا إنسان هو قلبُكَ. فهل لكَ أن تُقدمهُ لي؟
ولكنَّ كيف نقبل هذه النعمةَ؟ وكيف ننعمُ بها؟
تُعلّمنا أمنّا مريم الكثير عن هذا القبول. فهي كانت مُستعدة لإستقبالهِ وأعدّت لذلك القُمطَ اللازمة إلى جانبِ الشوقِ العظيمِ الذي جعلها تنتظرُ لحطةَ الولادة هذه بلهفة. العالمُ مُنشغلٌ من حولها بأمور كثيرة تمنعهُ من الشعور بحضورِ الله وقُربهِ، أمّا مريمُ فأظهرَت إستعداداً كلّفها الكثير من العناء. ولكن فرحةَ حضورِ الله غمرَت حياتها، وكانت قد هيأّت لمولده الطفل ما يلزمُه لينعمَ بنومٍ هادئ، واستقبَلت المُهنئينَ والرعاة بفرحٍ متأملةً كلَّ لحظةٍ في حياتها. وهي تسألنا اليومَ أيضاً: ما هي إستعدادتنا؟ وما الذي هيأناهُ لميلادِ يسوع بيننا؟ أهو تسوّقٌ لإحتفلاتٍ عابرة؟ أو توسلٌ وتضرعٌ لله ليبقَ معنا؟
توجهت الملائكةُ لتُبشِرَ الرعاةَ الذين كانوا ساهرينَ يحرسونَ مواشيهم. والساهرُ إنسان ينتظرُ الفجرَ حتّى يُريحُ أفكارهُ وتخمُدَ مخاوفهُ. إنسانٌ يَقظٌ وحساسُ لكلِّ حركةٍ أو صوتٍ: "إسهروا وصلّوا". لهؤلاء ظهرَ ملاك الربِّ يُبشرهم: "وُلِدَ لكم اليوم مُخلصٌ"، وأظهرَ الرُعاة فعلَ إيمانٍ أصيل، إذ كانوا ساهرينَ فقبلوا الخبرَ، وأسرعوا ليروا مجدَ الله الذي انحنى نحو الإنسانِ من دونِ أن يُخيفَ الإنسان.
سَمِعَ الرُعاة بشارةَ الملائكةِ وآمنوا بها، وهذا الإيمان حرّكهم ليُغيروا حياتهم، فلم يبقوا حيثما هم، بل توجهوا نحو بيتَ لحمَ، حيثُ أرادَ الله أن يكونَ. أسرعوا إلى بيتَ لحمَ لرؤيةَ الطفل الذي حدّثهم عنه الملاكُ مثلما أسرعت مريمُ لزيارةِ أليصابات التي أنعمَ الله عليها بحبلٍ بعد عُقمٍ طويل (لو 1: 39). لم يخافوا ظلامَ الليل وأخطارهِ مثلما لم يخف تلميذا عمّاوس العودة إلى أورشليم، بل أسرعا إليها يُبشرانَ التلاميذ الخائفينَ بقيامةِ ربّنا يسوع (لو 24: 13- 35). وهكذا حَظيَّ الرُعاة بأن يكونوا أولَ من شاهدَ يسوعَ لأنَّهم أعطوا الأولويةَ لله لا لأشغالهم، فمشوا حيثما أرادهم الله أن يكونوا، وبيّنوا أنَ لكلمَتِهِ الأولويةَ في حياتهِم، وعرفوا أنَ الله أرادَ أن يكون للعالم خُبزاً فوُضِعَ حيثُ يُوضعَ العلفُ؛ طعام الحيوانات، وُضِعَ في مذودٍ.
إلهنا قصّر المسافة التي أبعدتهُ عن الإنسانِ فجاءَ هو إلى الإنسان، وسهّل الطريقَ ليعرفهُ الإنسانُ، فأضحى طفلاً يُحَب، طفلاً يقبلهُ كلُّ إنسانٍ لأنه لا يُشكلُ تهديداً، بل قوّتهُ تكمنُ في ضعفهِ، وضعفهُ يجعلهُ لدى من قبل الجميع، لأنه يدفعُ الإنسانَ أن ينظرَ إليهِ؛ هو طفلٌ رضيعُ، يطيب لكلّ إنسانٍ نحو أن يحملهُ على كتفهِ ويُقبّلهُ ويرفعهُ عالياً، ويُهدءُ مشاعرَ الغضبِ والحسدِ والعداوةِ التي طالما أرهقت الكبارَ. الطفلُ وحدهُ قادرٌ على هذا كلّهِ. الطفلُ الرضيع وحدهُ قادرٌ على أن يُخرجنا من ظلمةِ الخطيئة التي أكتنفت حياتنا باشكالٍ عديدة: الحروب والمجاعات والخصومات التي تُفرّق الإنسان عن قريبهِ، فجاءَ الله ليجمعنا حولهُ من جديد.
إنَّ هذه الولادة هي لنا. هكذا تُصلّي ليتورجيّتنا المُقدسة اليوم: "نُسبّحُ جميعاً المولودَ العجيبَ الذي وُلِدَ لنا، الذي بهِ أشرقَ نورٌ حقيقيٌّ على الجالسينَ في الظلامِ. لذلكَ فإننا مع الجموع ِالسماوية نهتفُ ونقولُ: "المجدُ لله في العُلى، وعلى الأرضِ السلام والأمان، والرجاءُ الصالحُ لبني البشر. فإنه في نهاية الأزمنةِ الأخيرة ظهرَ بالجسدِ من جنسنا، وعلّمنا أن نعترِفَ بهِ وحدهُ خالقَ الكل". هذا الإعتراف، وهذا الهُتاف، لن يكونانِ إلا بقبولِ هذا الميلاد. وقبولُ الميلادِ لن يكون بما أنفقناه من مصروفاتٍ، بل بما نُظهرهُ من الإيمانٍ بهذا الميلاد. والإيمانٌ يدفعنا إلى أن نُنشِد مع الملائكةِ تسبحةَ السماء: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام". إنها التسبحة التي تجعلنا نُبادرَ بالسلامَ تجاهَ كلّ منَ ابتعدَ عنّا أو أبعدناهُ عنّا، تسبحة تُهدينا إلى حيثُ الله، والله حاضرٌ بيننا دوماً؛ هو عمّانوئيل.
فلنترُك مخاوفنا جانباً، مخاوفنا من الناس ومن الحاضِر ومن المستقبل، ولنَسر إلى بيتَ لحمَ ونُعلِن إيماننا بأنَّ طريقكَ يا ربُّ هو طريقُ الحياةِ لكلِّ إنسان. فكثيراً ما يسعى ليبنيّ عالمهُ من دونِ الله، فثارت الأحقادُ وانتشرَ العُنفُ والإنقسامات، وانفجرت الخصومات والصراعات واشتعلت نيرانُ الحروبِ في كلِّ مكانِ، بدءً من قلوبنا الأسيرة بهمومٍ وقلقٍ كبيرين.
جئتنا يا ربُّ بين أحضانِ عائلةٍ بشرية لتُخبِرَ العالمَ بأنَّ العائلة، الأب والأم، هي المكانُ الأصيل لينعمَ الإنسان بحياةٍ كريمةٍ. ولادتُك مبعثُ فرحٍ للخليقةِ مثلما أنَّ ولادة كلِّ إنسان فرحةٌ للكونِ كلّهِ. فإذا أرادَ الله أن يكونَ قُربَ الإنسان، فكيف يُمكن للإنسان أن يبتعِد عنهُ؟ هذا ما يُريده الله أن يُبشرّنا به اليوم ويقول لنا: لقد صرتُ قريباً منكم، صرتُ واحداً منكم، وكلُّ ما أحتاجهُ منكَ يا إنسان هو قلبُكَ. فهل لكَ أن تُقدمهُ لي؟
المطران بشّار متي وردة
مواضيع مماثلة
» عيد الميلاد
» موعظة عيد الميلاد المجيد
» موعظة عيد الميلاد المجيــــــــد
» مذاريش الميلاد وما بعده
» الاحد الاول بعد الميلاد
» موعظة عيد الميلاد المجيد
» موعظة عيد الميلاد المجيــــــــد
» مذاريش الميلاد وما بعده
» الاحد الاول بعد الميلاد
النوفلي :: المواضيع الدينية :: عظات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz
» رمش عيد ختان الرب 2022
الخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» الجمعة الرابعة من السوبارا
الأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا
الخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz
» شبح لالاها معشنان
الثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz
» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz
» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz