النوفلي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» صلاة صباح عيد ختان الرب 2023
الندوة الكتابية 25 Emptyالسبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz

» رمش عيد ختان الرب 2022
الندوة الكتابية 25 Emptyالخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» الجمعة الرابعة من السوبارا
الندوة الكتابية 25 Emptyالأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا
الندوة الكتابية 25 Emptyالخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz

» شبح لالاها معشنان
الندوة الكتابية 25 Emptyالثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الندوة الكتابية 25 Emptyالجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz

» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الندوة الكتابية 25 Emptyالخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الندوة الكتابية 25 Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz

» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الندوة الكتابية 25 Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات
التبادل الاعلاني
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات


الندوة الكتابية 25

اذهب الى الأسفل

الندوة الكتابية 25 Empty الندوة الكتابية 25

مُساهمة  Abdullah الجمعة أغسطس 19, 2011 5:25 am

الندوة الكتابية
اللقاء الخامس والعشرون
سيادة المطران بشار متي وردة


مع تأكيدنا على أن قصّة الكتاب المُقدس ليست قصّة أبطال: إبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف وموسى وداود، بل أولاً وقبلَّ كلِّ شيءٍ هو قصةُّ الله مع الإنسان، لذا، لا يُمكن تجاهل قصّة الإنسان حتّى ولو بإشاراتٍ سريعة مثلما سنجد أن مع موسى. فالراوي ينتقل بسرعة من قصة الإنقاذ العجيب للطفل الرضيع، إلى قصة العنف القاتل للشاب المُتحمّس، فيختصر هكذا سنواتٍ طويلةً. سنخصص لقاءنا اليومَ للتأمل في حياة موسى من أجلِ الوصولِ إلى فهمٍ أوضح لقصّة سفر الخروجِ والتي يُعد موسى أحد ابرزِ شخوصها، غير متناسينَ عمل النسوة ِاللواتي برهنَّ على إستعدادهنَّ التام ليعملنَّ مع الله في إتمام تدبيره من دونِ ضجيجٍ أو تهويل. علينا أن نُقدّرَ عالياً مثلُ هذا الموقف المتواضع والذي سعى لحفظِ حياةِ الإنسان وفقَ الإمكانياتِ المُتاحةِ لهنَّ. فنلحظ كيفَ أن إمرأة ما عامّة الناس: أمُ موسى وأختهُ واجهتا المرأة الأقوى في مصر: إبنةُ فرعونَ، ورفضّنَّ جميعاً الإنصياعَ لغضبهنَّ الحضاري: العبرانيين إزاء المصريين، وأسهمنَّ في حفظِ حياة الناس في وقتٍ لم يتوقّع فيه خلاصاً أو تحريراً، فكانَ لنا موسى، أولُ كهنةُ بيت لاوي الذين سيُكرسونَ لخدمةِ الهيكلِ حتى دمارِ أورشليم سنة 70 ق. م. حياة موسىوفقَ ما جاء في خطاب إستفانوس الشهيد (أع 7: 2- 43)، فإن حياة موسى تُقسّم إلى ثلاث مراحل، أو بعبارة اصح إلى ثلاثِ أربعينيّاتٍ، أي إلى ثلاثِ فتراتٍ زمنيةٍ كُبرى مُتكاملةٍ؛ قضى فيها موسى 40 سنة تربّى فيها بين أحضانِ أمهّ المُستأجرة لرعايتهِ من قبل إبنةِ فرعونض، ودرسَ في قصر فرعونَ شوؤنَ الحياة ومُتطلّباتها، ثم 40 سنةٍ أخرى هربَ إلى البرية وقضاها في خدمةِ حماه في مدين؛ بعد أن خابَ أملهُ في تقديم ما يلزم لمساعدة أبناء شعبهِ، فأجلسهُ الله في مدرستهِ ليتعلّم أصولَ الخدمةِ اليت سيُدعى إليها، فإنطلِقَ نحو 40 سنة أخيرةً خدمَ فيها شعبهُ إسرئيل عندما أخرجهُ من مصرَ وأوصلهُ إلى أرضِ المعياد. ها هي الصورة العامّة لحياة موسى.الأربعينةُ الأولى أختارَ الله موسى لدعوةٍ خاصّة فكانَ موضوعَ إهتمامهِ وعنايتهِ، فأنقذه من موتٍ محتومٍ بسبب قرارِ فرعون بإهلاكِ ذكورِ العبرانيين في نهرِ النيلِ. قرارٌ يدلُّ على سوء إستخدام نهرِ النهر الذي يُعد منبعَ حياةٍ، فحوّلهُ حاكمٌ طاغيةٌ ليكون مقبرة للحياة بمرسومِ الموتِ الذي أصدرهُ (خر 1: 22). ولكنَّ القابلة اصرّت على موقفها النابع من مخافةٍ أصليةٍ لله، فولّدت الطفلَ، ثم أن الأم رأت أن الطفلَ "حسنُ المنظر"، مثلما أن الله رأى عملَ يده انه حسنَ، فقامت بإخفائهِ، ولكنها عجزت عن مواصلةِ ذلك لأن الطفلَ بدء يكبرُ وصارَ يصرخ ويبكي، فقامت، وعلى مثالِ نوحَ، بصنعِ سلةٍ صغيرة لتحفظَ فيها حياة الطفل من فيضانِ العنف الفرعوني. جرت العادة أن تعتني الأخت بالطفل ِالرضيع فيما تقوم الأم بواجباتها البيتية، ويبدو أن أخت موسى الرضيعَ تعلّقت به ورافقتهُ حينَ وضعتهُ أمهُ في السلةِ فكانت قريبةً لتقرِحَ على إبنةِ فرعونَ إيجادَ أمرأةٍ عبرانيةٍ تُرضعهُ. الغريب أن الطفلَ الذي تخلّصت منه الأم كونه تهديدٌ لفرعون، هوذا يُعطى لها مرّة أخرى بحماية فرعونية. وهكذا خلّصهُ الله الرحوم الذي حرّكَ قلوبَ النسوة ليرحمنَّ الصبي، فأعاده إلى أمهِ لتُرضعهُ. "خُذي الطفلَ فأرضيعهِ وأنا أُعطيكِ اُجرتكِ" (خر 2: 9) هل أن الأم بحاجةٍ إلى مَن يدفع لها لتُرضعَ وليدها وتعني به؟ ولكنَّ عنايةَ إلهنا تصل إلى مرحلةٍ لم تتصوّرها أمُ موسى: فمن جهة هوذا ينالُ تربية إيمانية أصيلة على يدهاه، ونالَ تربيةً خاصةً في قصرِ فرعونَ فتلقى حكمةَ المصريين الأصيلةَ والتي حَرِصَ مُقدموها على إستعيابِ حكمة اليونانيين وفلسفتهم، وتعلّم فنونِ القتالِ والقيادة والإعمارِ، ولها في ذلك شواهدَ عظيمة، فكان موسى على حدِّ تعبير إستفانوس: "مُقتدراً في القولِ والعملِ" (أع 7: 22)، بمعنى آخر: وصلَ بعد مرحلة التربية والتثقيفِ هذه إلى نتيجةٍ مفادها: "صرتُ مؤهلاً لأكونَ القائد لشعبي المسكينَ"، وعلى الجميع أن يحترمني لذلك لأنهم لا يُحسنونَ العمل وليسوا مؤهلينَ للعمل فهم لم ينالوا التثقيفَ الذي أنا نلتهُ أنا. مُشكلةُ موسى (ومُشكلتُنا) تكمنُ تماماً في هذه الفترة التي ينتفخَ فيها الأنا وتتكوّن لدينا صورة عن العالم فنتعلّق بالصورة التي فينا متناسينَ الواقعَ الذي تعلّمناه من الكتب والدراسةِ، لتأتي تصريحاتنا مُقدسةً، وإنتقادنا ضرورةً لابدَّ من أن ننطقَ به. فيتولّد لدينا غضبٌ وسخطٌ من نظررة الآخرين التي لا تتوافق ونظرتنا: "عجيبٌ لماذا لا يرونَ الذي أراهُ أنا؟" بالحقيقةِ أن هناكَ مسافةٌ كبيرة بين الأفكارِ المجرّدة التي تعلّمناها في الكتب، والتي تحوي جزءً من الحقيقةِ، وبينَ الواقع وأزماته. وهكذا إصطدمَ موسى بالواقعِ: "مَن أقامَك رئيساً وحاكماً علينا؟ أتُريدُ أن تقتلني كما قلتَ المِصريَّ" فخافَ موسى وقالَ في نفسهِ: "ذاعَ الخبرُ". وسمعَ فرعونُ بهذا الخبرِ، فحاولَ أن يقتلَ موسى. فهربَ موسى من وجهِ فِرعونَ إلى أرضِ مديانَ، وقعدَ عندَ البئرِ". (خر 2: 14- 15). علينا أن نُشير وقبل أن نتركَ الأربعينية الأولى كيف أن بعضَ الناس تتحوّل من دونَ أن تدري من ضحاياً إلى ظالمينَ. خرجَ موسى ليرى حالةَ شعبهِ المظلوم فإذا به يرى أن أحدهم يظلمُ الآخر، فالظلمُ يُفقدُ الجميعَ حسَّ الإنسانية المتضامِن الذي يتطلّع إليه الله. حتّى موسى نفسه لاحظَ أن هذا الشعور المتضامن مفقود: "فآلتفتَ يميناً وشمالاً فما رأى أحداً، فقتلَ المصري وطمره في الرملِ" (خر 2: 12). لذا، أرادَ من إخوتهِ التوقّف عن القتال: "لماذا تضرب إبنَ قومِكَ"، لأنه يعرف ان مستقبلهم يعتمد على تضامنهم معاً. الأربعينة الثانية عَرِف موسى أن مقتل المصري صارَ مُعلناً بين جماعة العبرانيين، فقرر الهربَ، وهكذا إنتهتُ الأربعينة الأولى بخيبةِ أملٍ وسُخطٍ لأنَّ موسى كان مليئاً بالإرادة الصالحةِ وكان مُستعداً ليبذلَ قُصارى جهدهِ ليُعينَ أبناء شعبه ِالمظلومينَ، بل تنازلَ عن إمتيازات القصر الفرعوني ليكونَ إلى جانبِهم، لأنه لم يتحمّلُ رؤية المظالمِ، وسماع صراخَ المظلومينَ، فعرضَّ نفسهُ للخطرِ من أجلهم، وعملَ ذلك وفقَ أسلوبهِ وطريقته ِالخاصّة؛ حسب رؤيته هو والتي لا يُمكن أن نعدها ثوريةً أو نزوةَ مراهقٍ، بل حماسٌ لأجل هدفٍ سامٍ: العدالةُ للجميع لاسيما المُضطهدونَ، ومن أجل مُسقبلٍ واعدٍ للإنسانية جمعاء. موسى هو إبن الحريةِ، إبنُ القصر الفرعوني، وأرادَ أن يُشاركَ الناس كلّهم بنعمةِ الحريةِ هذه، وهو واثقٌ أن الجميعَ سيُصفقَ له، فأتاه الجواب المُخيّبُ: مَن قالَ لكَ أن تُشغلَ نفسَكَ بنا؟ نحن نتدبّر أمرنا؟ أنت مرفوضٌ، بل أنت مُجرمٌ ويجب أن تُحاسَب. فهربَ وهو الشجاعُ ليُنقِذَ حياتهُ، ويفلت من المحاسبةِ مُهتماً بنفسهِ ليس إلاَّ، فجلسَ عندَ البئرِ غريباً ينتظرُ عطفَ الآخرين ورضاهم. إنسانٌ من دونِ حقوقٍ، هو الذي أرادَ منحَ الحقوقِ للآخرين.فشلَ موسى أمام فرعون، فلقد َفطعَ معهُ العلاقات وهربَ من أمامِ وجههِ خائفاً: "من أجل هذا الكلام هرب موسى وذهب يسكن "نزيلاً" = أجنبياً في أرض مدين". شجاعةُ موسى تحولّت إلى خوفٍ، هو الذي تقدّم متحمساً هوذا يتراجع مرعوباً، وفرَّ ليسلَمَ بحياتهِ، يخافُ النومَ في الصحراء لئلا يُهاجمهُ قُطاعُ الطُرق، ويترعِب لأدنى صوتٍ أو حركةٍ. موسى الذي جعلَ خدمةَ الآخرينَ هدفاً لحياتهِ صارَ اليوم مهتمّاً بأمرٍ واحدٍ فقط: سلامة حياتهِ، فهو أجنبيٌ غريبٌ ليس له إرتباطاتٌ وعلاقاتٌ تحميهِ، بل يتطلّع كلياً إلى عطفِ الآخرين. فما بقيَّ من شجاعةِ موسى من حماسهِ إلا القليلُ الذي لا يستحق أن يُذكَر. بسبب هذا الماضي وهذه الخبراتِ المؤلمةِ قررَ موسى الإنسحابَ من الحياة السياسية، والإعتناء بنفسهِ، فأختارَ أرضَ مديانَ ليستقرَّ فيها، وبيّن لكاهنِ مديان أن فيه من السخاء ومن الشجاعة الكثير ليُعتمَدَ عليهِ، وهكذا تزوّج بصفورةَ وصارَ له منها ولدٌ سمّاه جرشومَ إشارةً إلى واقعِ حياتهِ: نزيلٌ غريبٌ. وهكذا كانت ملامحُ الأربعيةِ الثانية من حياة موسى، أجواء عائلية هادئةٌ مُقابلَ مصرَ القوّة والعنف والمظالمِ. ولكنَّ هل هذا معقولٌ؟ الأربعينية الثالثة"بعد أربعينَ سنة، ظهرَ له ملاكٌ في برّيةِ جبلِ سيناءَ، في عُليقةِ تشتعلُ فيها النار" (أع 7: 30). لم تكن الأربعينيةُ الثانية من حياة موسى إنسحاباً أو فترة إسترخاء، فراحَ يُفكرُ في كلِّ الذي حصلَ له في مصرَ، وقضى ليالٍ طويلةً في الصحراء مع الغنمِ يتأملُ الأحداث عن بُعدٍ: عَرِفَ أنه كان متوهماً: كُنتُ أتصوّر أنني قادرٌ على قيادة شعبي! ظننتُ أنني قادرٌ على تغيير حياتهم بقُدراتي ومواهبي وإمكانياتي ومؤهلاتي! تركتُ القصر الفرعوني لأكونَ رئيساً على شعبي! أردتُ منهم أن يصنعوا لي تمثالاً! كُنت على خطأ. هكذا واجهُ موسى ماضيهِ، وقبِلَ خيبةَ أملهِ وفشلهِ، بل يبدو أن الله تسلّمَ زمامَ الأمور، وقرر أن يكونَ مُعلماً لموسى، ولكن على موسى أن يسيرَ وفقَ برنامجِ الله وشروطه: "لا تقترب إلى هُنا. أخلع حذاءكَ من رجليكَ، لأنَّ الموضعَ الذي انت واقفٌ عليهِ أرضٌ مُقدسةٌ" (خر 3: 5). إعترافَ موسىَ بفشلهِ وبعدم نجاحِ جهودهِ التي نبعت عن حسٍّ أخوي صادق تجاه أبناء شعبهِ المظلومين، فقرر إنتظارَ الله ليتعلّم منه وعلى يديهِ: ما فشلتُ به سينجح به الله. فصارت الأربعينيةُ الثانية أربعينةُ صلاةٍ متواصلةٍ، وفَهِمَ أن عملهُ لم يكن جهداً شخصياً، بل عملُ الله الذي سعى موسى ليُبعده عن مسرحِ الأحداثِ، فينفرِدَ هو بالصدارةِ حتّى إنتهى به الأمر ليقول: أميلُ وأنظرُ هذا المشهدَ العظيمَ، ما بالُ العُليقةِ لا تحترقُ؟ (3: 3)تُرى ما الذي فهمهُ موسى تحديداً من كلِّ الذي اختبرهُ؟أدرك موسى بأن الله هو الذي بادرَ في حياته، وليس هو المُهتمُ بالله وشوؤنهِ بل على العكس، الله هو المُهتم به وهو الذي يُفتّش عنه، وهذه هي البُشرى السارة لربّنا يسوع المسيح: "مَن منكم إذا كانَ له مئةُ خروفٍ فأضاعَ واحداً منها، لا يتركُ التسعةَ والتسعينَ في البريةِ ليبحثَّ عن الخروفِ الضائعِ حتّى يجدهُ؟ فإذا وجدهُ حَملهُ على كتفيهِ فَرحاً ورجِعَ إلى البيتِ ودَعا أصدقائهُ وجيرانهُ وقالَ لهم: "إفرحوا مَعي، لني وجدتُ خروفي الضائعَ! أقولُ لكم: هكذا يكون الفرحُ في السماءِ بخاطءٍ واحدٍ يتوبُ أكثرَ من الفرحِ بتسعةٍ وتسعينَ من الأبرارِ لا يحتاجونَ إلى التوبةِ" (لو 15: 4- 7). فليس موسى مَن يشعرُ بهمومِ الشعبِ وأحزانهِ، بل أن الله هو الذي يترحّم على الشعبِ ويشعر بأحزانهم، وطلبَ من موسى أن يُشاركهُ هذه المشاعرَ ويكون يدّ الله القوية، وقلبهُ الرحوم، وهكذا دعى الله موسى ليعبرَّ إليهِ، ويبدأ معه رحلة الأربعينية ِالثالثةِ. عُليقةٌ تحترِقتعجّبَّ موسى من منظرِ العُليقةِ المُحترِقةِ، وأرادَ معرفةَ ما الذي يجري. رجلٌ في الثمانينَ من عمرهِ ما زالَ يحتفظُ بالرغبةِ في التعلم وإستكشافِ الجديد الذي يراه لأولِ مرّة. لم يقل لنفسهِ: لنتبعد بالأغنامِ بعيداً عن العُليقةِ المُحترقةِ! ولم يتراجع مُبرراً ذلك بأنهُ أكبر من أن يبدأ من جديد! أو: لم يبقى لي في الحياة سوى بعض السنوات لنعيشها بسلامٍ وآمانٍ وانضمَّ إلى آبائي! بل صعدَ إلى إلى جبلٍ إرتفاعهُ 1700 متر ليرى العجبَ الذي لم يُشاهدهُ من قبلُ في حياتهِ، فتقدّمَ مُجتهداً ليفهمَ، من دون أن يسمحَ للماضي الفاشل أن يُنغِصَ حياتهُ. بل تحوّل من شخصٍ كان يدّعي أنه يعرف كلَّ شيء، وله القُدرة على إجتراحِ الحلولِ اللازمةِ، إلى شخصٍ يسأل ويندهِش للجديد الذي لا يعرفهُ؛ صارَ من الآن منفتحاً لعمل الله، ولذلكَ تسلّق الجبلَ ليعرِف مؤمناً أن الله قادرٌ على أن يخلقُ من فشلهِ نجاحاً. سألَ موسى نفسهِ مرّأتٍ عديدة: إذا كانَ الله يُحبُ شعبهُ، ورأى الظلمَ الذي لحِقَ بهم، فلماذا لم يستخدمني لخلاصهم؟ كانَ فيَّ الإستعدادُ لذلكَ؟ قدّمت له نفسي وكلَّ إمكانياتي؟ أردتُ أن اُفجّر ثورة أُعيد من خلالها تريتبَ حياة الناس ولكنّك لم تساعدني، بل تركتني مرذولاً فاشلاً؟ أسئلة حيّرتهُ، ولكنها لم تُوقِفَ مسيرتهُ نحو معرفةِ الله، وهكذا صارَ بسب هذه الأسئلةِ مُطهراً، وفيه إستعدادٌ غيرُ الإستعدادُ الأول من خلالِ حركةِ البحث عن تساؤولاتِ الآخر في حياتهِ، فيجتهِدَ ويتسلّق الجبلَ، وتسلّقه ليس لتحقيق نجاحٍ شخصي، بل أردَ أن يعرِفَ ما الذي يحدث حولهُ؟ ولمّا حدث ما حدث؟ موسى منادى في وسط البرية القاحلةِ سمعَ موسى صوتاً يُناديه: موسى ... موسى! نتخيّل الصدمة التي صارت له؛ أحدهم يعرف إسمهُ! أحدهم يعرفهُ! أحدهم يُحبهُ! موسى الذي إعتقدَّ أنه إنسانٌ فاشلٌ، بل منبوذٌ ومطلوبٌ للعدالةِ، هوذا يُنادى بإسمه الشخصي ولمرتينِ معاً، وهذا يعني أنها ساعةٌ حاسمةٌ في حياة المدعو: "إبراهيم ... إبراهيم (تك 22: 11)، "صموئيل ... صموئيل" (1 صم 3: 10)، "مرتا ... مرتا" .... (لو 10: 41)، "شمعون ... شمعون ... هوذا الشيطانُ قد طلبكم ليُغربلكم (لو 22: 31). هي ساعةٌ حاسمةٌ وعلى موسى أن يكونَ مستعداً للسير وفقَ خريطةٍ وشروطٍ سيضعها الله وليس حسبما يُريد هو: "إخلع نعليكَ"، فلا تفرض عليَّ يا موسى مشاريعكَ، بل إنضم إلى مشروعي، وسرّ مثلما اُريدُ أنا: "مشيئتثكَ لا مشيئتي". إلهنا يُنادى موسى في ساعةٍ لا ينتظرها وفي مكانٍ لا يتصوّره مطلقاً مكانٌ لحضورٍ إلهي. إلهٌ يهتمُ بآخر الفاشلينَ، ومستعدٌ ليتركَ الستعة والتسعينَ ليبحث عن الضال فيُعيده، والأهم من ذلك أن موسى يستيقظ على وحيٍّ جديد عن الله: هو إلهُ الآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب، إلهٌ مٌعتنٍ، إلهٌ يرى ويسمع ومُستعدٌ ليتحرّكَ من أجل شعبهِ، ولن يخذلهم. "نظرتُ إلى مُعاماةِ شعبي الذين في مصرَ، وسمعتُ صُراخهم من ظلمِ مُسخريهم وعَلمتُ بعذابهم، فنزلتُ لأُنقذهم من ايدي المصريين واُخرجهم من تلكَ الأرضِ إلى أرضٍ تدرُ لَبناً وعسلاً" (خر 3: 7). إلهنا إلهٌ يشعرُ بمعاناتنا، ولا ينتظّر منّا أن نُخبره عنها، فإذا كانَ فينا تعاطفٌ مع المظلومين فهذا لأن الله جعلَّ فينا هذه المشاعرُ الطيّبة، وإذا كان فينا رغبةٌ لنقفَ مع الناس في معاناتهم، فهذا من الله وُهِبَ لنا، وإذا كان فينا صلاةٌ فهي صلاة الروح القدس فينا. "فتعالَ أُرسلكَ" (خر 3: 10)، بعدما حضّر الله موسى وطهّره من إفتخارهِ بنفسهِ ومن إعجابهِ بذاتهِ، هوذا يُكلّفهُ بالمهمةِ التي فشلِ فيها قبلَ أربعينَ سنةً، فيكون موسى مُكلّفاً بعملِ شُغلِ الله وليس شغلهُ هو مثلما يعتقدِ، فيُعطي مجّاناً كلَّ ما يقبلهُ مجاناً.
Abdullah
Abdullah
Admin
Admin

عدد الرسائل : 12852
العمر : 71
تاريخ التسجيل : 10/01/2008

http://shamasha.com.au

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى