النوفلي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» صلاة صباح عيد ختان الرب 2023
الندوة الكتابية 26 Emptyالسبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz

» رمش عيد ختان الرب 2022
الندوة الكتابية 26 Emptyالخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» الجمعة الرابعة من السوبارا
الندوة الكتابية 26 Emptyالأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا
الندوة الكتابية 26 Emptyالخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz

» شبح لالاها معشنان
الندوة الكتابية 26 Emptyالثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الندوة الكتابية 26 Emptyالجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz

» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الندوة الكتابية 26 Emptyالخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الندوة الكتابية 26 Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz

» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الندوة الكتابية 26 Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات
التبادل الاعلاني
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات


الندوة الكتابية 26

اذهب الى الأسفل

الندوة الكتابية 26 Empty الندوة الكتابية 26

مُساهمة  Abdullah الجمعة أغسطس 19, 2011 5:28 am

الندوة الكتابية
اللقاء السادس والعشرون
سيادة المطران بشار متي وردة


المٌقدّمة
"وبّعدَ ذلكَ بأيامٍ كثيرةٍ ماتَ ملكُ مصرَ. وكان بنو إسرائيلَ يرزحونَ بعدُ تحتَ نيرِ عًبوديّتهم"، لربّما كان موت الملكِ فرصةً لتغيير إجتماعي في حياة الشعب المُضطَهَد، إلا أن الواقع لم يتغيّر كثيراً، بل إزدادَ سوءً وكثرتُ المظالم فعلى صُراخُ الشعب. تمكّن طُغيانُ الملكِ من إسكاتِ صوتِ المتألمينَ لفترة طويلة، ولكنه لم ينجح في إخمادِ هذا الصوت أو دفنه، فمع أولِ فرصة رفعَ بنو إسرائيل صوتهم حتى وصلَ مسامعَ الله، وبقوّة، فأعطو لألمهم صوتاً مسموعاً لأنهم آمنو أن إلهَ آبائهم ليس كآلهةِ الشعوب الأخرى لا تسمع ولا تتكلّم، بل هو إلهٌ يسمع ويرأفُ. فكانَ موت الملك إذن فرصةً لبني إسرائيل ليصرخوا ويُسمَع صُراخهم عالياً، وهذا الذي حصلَ: "إسمِعَ الله أنينهم وذكرَ عَهدهُ مع إبراهيمَ وإسحقَ ويعقوبَ. ونظرَ الله إلى بني إسرائيل وآعترفَ بِهم" (خر 2: 24- 25). هذا الإعترافُ هو ضدّ محاولةِ الإمبراطورية تثبيتَ نظامِ سياسي يخدم مصالحها على حسابِ حياة العبيدِ وكرامتهم الإنسانيةِ، وهو بيّانٌ واضحٌ أن الإلهَ الذي صرخوا إليه يرفضُ طُغيان فرعونَ، فيسمع ويذكر ويرى ويعرفِ ويتعاطف جداً مع ألمِ المُضطهَدينَ. وهكذا يُعيدنا هذه الصراخ إلى قصص البدايات (التكوين) مع إبراهيم وإسحق ويعقوب، فيربط صراخَ العبيد بالوعودِ القديمة. صُراخهم يُذكرنا بصٌراخ برتيماوس الأعمى (مر 10: 46- 52) الذي عرِفَ أن الصمت لا يعني إلا إستمرارَ المُعاناة وبقاؤه يستعطي العطفَ والحياة، فرفضَ الإسكاتَ وراحَ يصرخ: يا إبنَ داود إرحمني وزادَ في الصراخِ حتّى سمعهُ ربّنا يسوع فكانت له حياةٌ جديدة.هنا، تبدأ مرحلةٌ جديدة في علاقةِ الإنسان بالله فالإنسان لن يتركَ المهمّةَ كلّها لله وكأن الله هو المسؤول عن كلِّ ما يجري على وجّه الأرض، أو ينتظر مُسالماً عسى ان يكونَ هناك تغيير ما؟ بل يتحمّل الإنسان مسؤوليتهُ فيعمل ما بوسعهِ ليُحرّكَ ما كان ساكناً، ويُوقِظَ الجميعَ للحالةِ التي يجب أن تتغيّر، فيتدخّل الله ... ويتدخّل الإنسان لصالحِ أخيهِ الإنسان المُضطهَد من جرّاء ظلمِ الإنسان. الناس ليسوا موجودينَ ليُهينَ بعضهُم البعض، بل ليتعاونوا من أجل حياةٍ أفضلٍ للجيمع.فعلُّ الله وجدَ موسى نفسهُ غريباً بينَ أبناء قومه بل أشاروا إليهِ بإتهاماتٍ مُشككة، فهربَ إلى بني مديانِ حيث رحبّوا به ومدحوه كثيراً، بل أدخلوه عائلتهم الخاصّة وزوّجوه إبنتهم أيضاً فصارَ واحداً منهم. هناكَ أمنَّ موسى لنفسهِ سُكنى وعمل عند حميهِ يثرون وأصبحَ راعياً وهي حرفةٌ يمتهنُا رجالٌ ونساءٌ بالغونَ فلم تكن مُخصصة للأطفالِ كونها تتطلبُ مهاراتٍ خاصّة لاسيما تجاه ضعفاء الرعيةِ، وحرصاً عليهم جميعاً من الصوص والحيواناتِ المُفترسةِ، حتى أن الملوكَ لقبوا برعاةِ شعبهم، والله نفسهُ هو راعي الشعب (إش 40: 11، 44: 28) وربّنا يسوع يدعو نفسه الراعي الصالح (يو 12: 4). قادَ موسى الأغنامَ في البريةِ فشدّه منظرٌ غريبٌ: "عليقةٌ مُشتعلةٌ ولكنها لا تحترقِ"، فذهب يستكشفُ الأمرَ فإذا به ملاكُ الربِّ يُشير إليه أن يحترمَ المكان فينزعَ عنه نعلهُ لأنه في حضرة الله، فلا يتعلّق موسى بمشهدِ العُليقةِ بل ينتبه إلى حضور الله، وهكذا عرّف الله عن نفسه بمشهد العُليقة، ثم من خلال علاقتهِ بآباء موسى: إبراهيم وإسحق ويعقوب". الله الأمينُ في وعدهِ للأباء الذين رافقهم وإعتنى بهم حتّى في غربتهم فحفِظَ حياتهم، هو نفسهُ الله الذي نظرَ معاناةِ شعبهِ، وسمعَ صُراخهم، وعلِمَ بعذابهم، فقرر أن يكون إلى جانبهم، ليُدخلهم إلى أرضٍ تدرُ لبنا وعسلاً، لا ليجعلهم كسالى بل يدفعهم للعمل من أجل إستثمار خيراتِ الأرض في موقفٍ متضامنٍ مع الجميع. هذه ميزة إلهنا فهو معنا، "نزلَ، تجسّد" ليكونَ بقُربنا لينتشلنا من واقعنا المُظلم، مثلما فعلَ موسى عندما إنتشلَ بناتَ يثرون من أيدي الرعاة: "فجاء الرُعاةُ، وطردوهنََ، فقامَ موسى لنجدتهّنَّ وسقى غنمهنَّ" (خر 2: 17)، هوذا الله آتٍ لنجدة شعبهِ من أيدي مُضطهديهم في مصرَ، ويأخذهم نحو أرضٍ تختلِف كُلّياً عن أرضِ مصرَ لأنها أرضٌ مُباركةٌ بأنها أرض خيرٍ لأُناسٍ أحرارٍ، بل فيها الوفرةُ لا حصص محدودة لأناسٍ عبيدٍ. إلهنا عالمٌ بألمِ شعبهِ وهو عازمٌ على تغيير حالةِ الإضطهادِ التي يُعانونَ منها، ولن يُوقفه قي ذلكَ أية قوّةٍ تُذكَر. فعلُّ الله ووعدهِ يتطلّب إلتزاماً مسؤولاً من قِبل الإنسان: "فتعالَ أُرسلُكَ إلى فرعونَ لتُخرِجَ شعبي بني إسرائيلَ مِن مصرَ" (خر 3: 10)، قصدُ الله صارَ مسؤولية الإنسانِ، بل مطلباً مُلزِماً ودعوةً تُنادي موسى: كلُّ إنسانِ. فموسى هو الذي سيُدير المُغامرة التي يُريدُ الله أن يلتزمها، وهكذا يربط الله مصيرَ السماءِ بالأرض، وعلى موسى أن يستعدَّ لمواجهةِ فرعونَ مصرَ ويُخرِجَ الشعبَ ويُمثّلَ الله، الله الذي يرضى بأن يربطَ إسمهُ ومصيره في يدِ إنسان ضعيفٍ مثل موسى الذي تردد طويلاً قبل أن يقبلَ مثلَ هذه الدعوة، هو الذي يعرِف جيّد أن حظوظَ نجاحهِ في مصرَ باتت شُبهِ معدومةٍ. إنسانٌ ضعيفٌ ليس فحسب، بل إنسان مُشككٌ كلّهُ إعتراضاتٌ على أعمالِ الله، وإعتراضاتهُ تُرينا إبداعاتِ الله، ولكنها تُشير إلينا إلى إعتراضاتِ فرعون مصرَ أيضاً. إعتراضاتُ موسى عَرِفَ موسى أن الذي يدعوه هو مُتطلبٌ وليس من السهل الحديث عن تحريرٍ للشعب لأن الأمر يعني تهديداً شخصياً على حياتهِ كونه مدعوٌ ليتخذَ الخطواتِ اللازمة نحو مثل هذا التحرير، فعارضَ وقدّم أسباباً وتبريراتٍ رافضاً هذه الدعوةِ وهذه الإرسالية مع أنه لم يفصح عنها على نحوٍ مُباشر. قدّم موسى خمسَ إعتراضاتٍ إذن أمام دعوتهِ الجديدة عارفاً بنفسهِ التي صارَ يراها بمنظارٍ جديد. هو يعرف أن بني شعبهِ لن يُصدقوه: لقد تربى مصرياً في بيتِ فرعونَ، ولم يُشاركهم عذابات العبودية وهربَ إلى مديان أربعين َسنة متنعماً بالحرية وبعملٍ آمنٍ، وأهمُّ من كلِّ ذلك: أن الله يعدُ شعبهُ بالكثير وعلى موسى التنفيذ، لذا قدّم موسى إعتراضهِ: "مَن أنا حتّى اذهبَ إلى فرعونَ وأُخرجَ بني إسرائيل من مصرَ؟" (3: 11)، فهو ليس بشخصيةٍ مهمّةٍ ولا يمتلكُ السلطة الكافية للحديث بإسم ِالشعب. بالتأكيد هو يرى نفسهُ صغيراً إزاء مطلبٍ خطيرٍ كهذا، لذا يأتيهِ الجواب الحاسمُ: "أنا أكونُ معكَ"، فيجب على موسى أن يذهب، ولكن لن يذهبَ وحدهُ البتّة، يكفيهِ أن الله هو معهُ وعليهِ أن يستغلَّ هذا الحضور. ثم قدّم إعتراضهُ الثاني؛ أنت تطلب مني يا ربُّ أن أدعو إلى عصيانٍ مدني شامل من قبل بني إسرائيل على مصرَ، وأنا أعرفُ انّك إلهُ آباءنا: "إبراهيم وإسحق ويعقوب" ولكنّ: ما أسمُكَ"؟ وسألتُكَ مَن أنا ولكنّي أُريد أن اسألك الآن: مَن أنتَ؟ أنا ومثل كلّ إنسان أرغبُ في معرفةِ إسمكَ الشخصي! وكان جوابُ الله: "يهوه: أنا هو الذي هو". من الصعبِ تفسير هذا الأسم، لكنهُ يعني: أنا الحاضرُ دوماً معكم، أنا الأمانةُ، أنا قوّتُكم، أنا سببُ وجودكم، أنا الذي يُمكن له أن يُبدعَ المُستحيلَ، أنا الجديدُ دوماً، أنا الحياةُ لمَن هم في أرضِ الأمواتِ. وما على الشعب إلا العودة إلى الماضي ليتذكّروا حضورَ الله المُحي هذا وهو كلُّ ما يحتاجه الشعبُ للإيمان بالجديد القادم في المُستقبل: الله هو قوّة للحياة وقوّةٌ للوجود وقوّة للجديد. فعلى موسى أن يجمعَ شيوخَ الشعبِ ورؤساء الأسباطِ ليكونوا معه في مثلِ هذه المهمةِ، وهكذا نشأ شكلٌ من نظام قيادة للشعبِ، ويذكّرهم بوعدِ الله للآباء الذي عَرف بعذاباتِ مصرَ لأنه لم ينساهم بل "تفقدهم ورأى"، بمعنى زارهم، وهو عازمٌ على تغيير حالتهم، وسيسمعونَ لصوتهِ، ويتضامنونَ معه لتحقيق إرادة الله. هذه هي الخطوة الأولى، والثانية أن عليه مع شيوخ ِالشعب مواجهةَ فرعونَ والطلبَ إليه بأن يدع الشعب يترك مصرَ: "الربُّ إلهُ العبرانيين قابلنا، فدعنا الآن نسيرُ ممسيرة ثلاثةِ أيامٍ في البريةِ ونُقدّمُ ذبيحةً للرب إلهنا" (3: 18). وهو طلبٌ سيرفضهُ فرعون لسببين:1. لربما تكون هذه المسيرة فرصةً للهربِ من مصرَ، وهو إجراءٌ مرفوضٌ تماماً. 2. أو أنه إهانةٌ موجهةٌ إلى مصرَ وألهتها الذين يرفضوهم الربُّ الإله فلا يرضَ بأن تُقدّم له العبادة في أرضٍ فاسدة في تعبدها، وهو إجراء يرفضهُ فرعونَ ممثلُ الآلهةِ على الأرض. من أجل ذلك سيُظهرُ الله عظمةَ قوّتهِ فيمدَّ يده ويضربَ مصرَ، مثلما ضربَ موسى المصري وقتلهُ (خر 2:12)، فغضبُ موسى وغضبُ الرب من تسخيرِ المصريين للعبرانيين واحدٌ، ويُغيّر حياتهم بقوّة عجائبهِ، بل تُكسبهمُ إحترامَ المصريين أيضاً. إلهنا عازمُ على تغيير حالةِ الظلمِ وتحقيقِ واقعٍ جديد في العلاقاتِ ما بينَ العبرانيين وما بينَ المصريين، وإعادة توزيعِ الخيرات، مع التأكيد على أن هذا السلوكِ إنّما هو "سلبٌ للمصريين". نستشعر من لغة القصّة أن خروجَ الشعب من مصر هو اشبه ما يكون بالغزوةِ لا سيما وأنهم سيسلبونَ الذهبَ الذي سيعود ذكره لاحقاً وعلى نحوٍ سلبي في قصة العجل (خر 32).هكذا عادَ الربُّ الإله مُهتماً بشعبهِ فلم ينساهم بل تذكرهم، وتذكره ليس مجّرد ذكرى بل فعلٌ خلاّقٌ يُغيّر من حالةِ الإنسان كُلياً وهو طلبٌ سألهُ يوسف في سجنه من ساقي فرعون ليذكره عند فرعون: "ولكن متى حسنت حالُكَ ترأف بي ولا تنسني بل آذكرني لفرعون فيُخرجني من هذا السجنِ" (تك 40: 14)، ولكنَّ الساقي لم يذكر يوسف بل نسيهُ (40: 23). الآن، تذكرّ الرب عهدُه، وسيسمع له شيوخ العشب، ويرضخ له فرعونَ وتهابهُ نساءُ مصرَّ. هنا قدّم موسى إعتراضهُ الثالث: "هم لا يُصدقونني ولا يسمعونَ لكلامي بل يقولونَ: لم يظهر لكَ الربُّ" (4: 1). خافَ موسى من أن يرفضه شعبهُ وهو إعتراضٌ موجهٌ ضد تأكيد الله: "فيسمعونَ لكَ وتدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل على ملكِ مصرَ" (3: 18)، وهو بذلك يرفضُ الضمانات التي يُقدمها الله له والتي يراها موسى مُبالغٌ فيها، فقدّم هو إعتراضاً مباشراً ومُبالغاً فيهِ أيضاً. فأكّدَ الله له الضمانات من خلالِ معجزة العصا والحية واليد البرصاء ليُوقظهِ من تقاعسهِ ويتحدّى إعتراضاتهِ ليُثبّته في دعوتهِ لاسيما وأنه يتعامل مع حيوان خطير جدا: الحيّة (فرعون)، وعليه أن لا يخاف لأن الله سيُدّلهُ على الطريق، حتّى ولو مَسكَ الحيّة من ذنبها. عرفَ الله أن المعجزتين لم تكونا كافيتين لإقناع موسى فيُقدم له الثالثة فيحوّل الماء إلى دمٍ في خطوة إستباقية لما سيجري في نهر مصر العظيم: النيل. النيل الذي كان يُعبد كإلهٍ سيُقدّم ذبيحةً للإلهِ الحق. وهذه الأياتُ تُشير إلى أن موسى إنّما هو مُرسلٌ من بل الله الذي أسس مصداقية موسى عند الشعب. ولكنَّ موسى كانَ مُتردداً من قبولِ الدعوة، فأعترضَ للمرّة الرابعة في محاولةٍ للإفلات من المهميةِ فأشارَ إلى أن لن يكونَ بمقدوره التكلمَّ بفصاحةٍ أمام فرعونَ، وهو أمرٌ خطيرٌ. فسألهُ الله: "مَن الذي خلقَ للإنسانِ فماً" ... أنا هو أنا الربُّ؟ أن هو الربُّ الذي يخلق ويأمر ويدعو، لذا، أمرَّ الربُّ موسى بالذهابِ من دون ترددٍ لأنه سيكون معهُ وهذا هو ضمانهُ الأوحد: "فأذهب وأنا أُعينُكَ على الكلامِ وأُعلّمُكَ ما تقول" (4: 12)، فإذا تكلّمَ موسى فالله هو الذي يتكلّمُ، وهذا أيضاً لم يُقنِع موسى فسأل الله: "يا ربُّ! أرسل أحداً غيري" (4: 13)، وهذا أغضبَ الله، فأمرَه بأن يأخذ هرونَ معهُ ليكون لسانهُ الفصيح على أن المسؤولية الكُبرى تقع على عاتقِ موسى وهو صاحبُ السلطة الأعظم، غير متناسين أن التقليد الكهنوتي واضحٌ على القصة من خلال إقحامِ هرون في المهّمةِ. عودة موسى إلى مصرَ سألَ موسى من حميه يثرون إذنَ العودةِ إلى مصر ليرى إن بنو قومهِ أحياءٌ بعدُ فكان له ذلك: "إذهب بسلامٍ"، وهكذا نالَ البركةَ ليعودَ إلى مصرَ. وأكّدَ الراوي نية موسى للعودة من خلال طلبَ مباشر من الله نفسهِ مُزوداً بالقوة اللازمة ليصنع العجائب لصالحِ مشروع الله من أجلِ شعبهِ ضدَّ مصرَ، وسيقسى قلب فرعون لصالحِ شعب الله وضدََ مصالحَ مصرَ أيضاً. وحمَلَّ الربُّ موسى الرسالة التي عليه أن ينقلها إلى فرعون فلن يكونَ كلامهُ بل كلامُ الله نفسهِ. فيكون الله صاحب المُبادرة في خلق حياة جديدة للشعب ومُحفزاً مشاعر الغضب لدى فرعون وهكذا أعطى الراوي للقصة الصراع ومُسبباتهِ فجعل الصراع يشتدُّ ما بين الظالم والضحيةِ، ليُعظِمَّ من فعلِ الله العجيب وتدخلهِ الحاسم. إضافةِ إلى ذلك، أعطى الله هويةً جديدة للشعب: "إبني البكر" بعد أن كان يُخاطبهُ دوماً بـ: "شعبي"، فالله يُعلنَ أن بني إسرائيل هم شعبٌ أحبهم الله ووثقَ بهم جداً، ليُخبِرَ فرعونَ أن ظلمهُ أمرٌ خطيرٌ وجدي وعليه أن يحذر لأن يُعذبُ الله نفسه الذي ربطَ ألوهيتهُ بهذا الشعبِ، والله يرعى شعبهُ ساهراً عليه، مثلما يرعى فرعون إبنهُ البكر: واحدة بواحدةٍ يا فرعون لأنّك لا تعرِف أن هذا الشعبَ الذي يُعاني مظالِمَ سُلطتكِ هو شعبي، بل إبني البكر.موسى والختان وفيما هم في الطريق لاقاه الربُّ مثلما لاقى يعقوب في صراعٍ جسدي (تك 32: 24- 32) فيه يحفظُ الله مُختارهُ، فحفظَ إسحقَ لإبراهيم بعد أن طلبَ تقديمهُ ذبيحةً (تك 22: 11). ومختاره هذه المرّة هو موسى، موسى الذي تربّى في قصر فرعونَ، فلم يُختَن مثلما جردت العادة عند العبرانيين منذ إبراهيم (تك 17: 10- 12). وبما أن الختان كان يعني إنضمامَ الفرد إلى الجماعة فكانَ لزماً على موسى أن يُختتَنَ من خلالِ ختانِ إبنهِ. أضفِ إلى ذلك أن الختان يتضمّن إقتطاعَ جزءٍ من الجسد وهو يتطلّب سفكِ الدم كرمزٍ لتقديم ِالذبيحةِ، وهكذا تنضمُ صفّورةَ إلى النسوة المُنتخباتِ في سفر الخروج والواتي حفظنَّ لموسى الحياة ليُنفذَ تدبير الله.الله: صوتٌ ووعدٌ كشفَ الله عن نفسهِ في هذه القصة بطريقتين: هو صوتٌ يدعو موسى بإسمه من وسطِ النار، وكلّنا يعرف أن النار جذابةٌ ومُهلكةُ: هي سرٌّ يجذبُنا ولكن إن لبّيتَ جذابيتها بدأت ولن تعرِف أين تنتهي، وموسى يعرف ذلك لذا يُعرضِ وبشدّةٍ. والله هو وعدٌ أمينٌ يدعو للإيمانِ به. وإذا قُلنا أنه صوتٌ فمعنى ذلك أننا نقولَ أن هناكَ مَن يسمع ويُصغي لهذا الصوت. وهذا الصوت سمِعَ ما سمعهُ موسى سابقاً: "سمعت صراخه بسبب مسخريه" (7:3)، ورأى مذلّة شعبه (7:3) فتحرّك نحوهم وحرّكَ آخرينَ في ذاتِ الإتجاه. إلهنا صارَ صوتاً مسموعاً لمنَ لا يُسمع صوتهُ. وسوف يعطي لموسى في حينه ما عليه أن يقول
(10:4-16) أمام شيوخِ الشعبِ وأمام فرعونَ ليُؤكدَّ لهم انه وعدٌ أمين، بل إيمانٌ لن يخيبَ: "يهوه" يعني "أنا أكون هناك لصالحك" (3 : 14) .لذا نحن نتعاطف مع موسى في إعتراضاتهِ على تلبيةِ الدعوةِ والتي تصل إلى مرحلة رفضها: أرسل غيري. ولكنَّ الله يدعوه ليأخذ المسؤولية مؤكداً له أنه سيكون معه ولن يكون وحيداً فهارنُ معهُ أيضاً (4: 14).
Abdullah
Abdullah
Admin
Admin

عدد الرسائل : 12852
العمر : 71
تاريخ التسجيل : 10/01/2008

http://shamasha.com.au

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى