قصيدة مجزرة كنيسة سيدة النجاة بقلم د. جبرائيل شيعا

قصيدة على أثر مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد العراق

يوم عيد جميع القديسين و في الكنيسة خلال قداس
الصلاة الإهية
يوم الأحد في 01 تشريت الأول 2010م

بيت نهرين الأبية

بيت نهرين الأبية
كنت في التاريخ حاضرة قوية
متقدمة بين الشعوب بالحضارة والمدنية
يا عراق يا أبنت بيت النهرين
أخبري ما العجب
ما أصابك من عجب
كيف تغيرت الأحوال
من علم ومعرفة وأدب
إلى جهل وتعصب وغضب
ما الذي حصل أخبريني
أنقلب الرأس على عقب
أين كلكامش وسركون وحمورابي
أين أشور ونبخد نصر وبر حدد
أين القصور والزيقورات العظيمة
أين عشتار وشميرام الجبابرة
أين أبناء آرام وكلدو وأشور العمالقة
ما الذي حصل
بين ليلة وضوحاها صار العجب
يا عراق يا أرض النهرين المقدسة
يا عراق يا حاضنة الغرباء
ومعلمت الحضارة والمدنية
وملقنة الحرف والكلمة
يا عراق يا بوابة التاريخ
أيعقل منك يصاب العجب
وفي داخل الكنيسة
يقتل كهنة مباركين
الأب ثائر والأب وسيم
و جرح خطر الخوري روفائيل
ومعهم أطفال ونساء وشباب وشيوخ
وأكثر من ثلاثين من المصليين
وهم يؤدون الصلاة بأدب وخشوع
لله الآب السماوي الرحيم
يطلبون المحبة والأمن والسلام للعراق
فصاروا اليوم شهداء بيوم القديسن
ألتحقوا بقافلة الشهداء
شهداء السريان على مر العصور والأزمان
رصاصات المجرمين الأرهابيين
قتلتهم وذاك من حقدهم الأسود
و التعصب والاجرام والغضب
المكتوم في قلوبهم وفكرهم المتعصب
ضد دين الحق والسلام والمحبة
كان الهجوم كالوحوش على المصلين
بدون إذن ولا أي أدب
يطلقون الرصاص كالمطر
على المصلين صلاة الإيمان
مجرمين بدون ذكر اللقب
الدم الذكي من الأعناق والصدور يسيل
من الأطفال والأمهات بدون ذنب أو سبب
يهطل ويملئ الثياب والأرض غضب
فكان العجب
سالمين آمنين أبرياء يقتلون بدون سبب
فما السبب يا صاحب السبب
أهل الأرهاب هو السبب
أم التعصب هو السبب
أم الجهل والتخلف هو السبب
أم التعاليم هي أهم سبب
أخبر يا صاحب السبب
إن تعاليمك هي أهم سبب
فكتابك وعلمائك هم أهم منبع لكل سبب
لا لا لا يا أيها الإنسان
الله خلق البشر كل البشر
ولم يفرق بينهم إلا بالمحبة والإيمان والأدب
فأين أنتم أيها المجرمين من هذا النسب
الإنسان بريئ منكم
فهل هذا عجب
أناديك يا بيت نهرين
يا أم الثقافة والحضارة والأدب
يا صاحبة الدور في المنطقة
يا أبناء السريان في كل مكان
في كل الطوائف والمذاهب
ألا تؤثر فيكم هذه المجازر
ألا تحسكم على ترك الخلافات على جنب
حان الوقت لتوحيد الصفوف وتقوية الجهود
هيا اتركوا الخلافات والانقسامات
وتوحدوا من أجل أنقاذ ما تبقى من السريان
أهل نرضى كل فترة من الزمن
أن يقتل أبنائنا بدون سبب
هيا هبوا يا سريان إلى العالم أجمع
نادوا بالمحافل والساحات
وطالبوا بحق العدالة والأمن والسلام
لي سؤال بحرج
لماذا يقتل أصحابك الحقيقيون
يا بيت النهرين
أصحاب الحضارة والتاريخ
أصحاب الأرض
أصحاب اسمك يا بيت نهرين
يا جذور وأصل السريان العريق
بكل التسميات (آراميين واشوريين وكلدان)
فهل حل ظلام الليل عليكِ
ليخيم بظلامه على القلب والعقل
فما بالكِ لا تسائلين
عن هذا الاقتتال وهذا الأجرام
وهذا التعصب وهذا الارهاب
أين العدالة والحق والمساوات
بين أبناء النهرين اليوم وفي التاريخ
آه يا بيت نهرين
لماذا يقتلون أبنائك الحقيقيين
دمائهم تجري في الشوارع والساحات
وأمام الأديرة والكنائس
صراخٌ وعويل وبكاء ونحيب
الأطفال والنساء والشيوخ
يسمع من بعيد بعيد
أمهات تنادي أبنها الوحيد
والسكلات تنحب على فراق أهم عزيز
والأبناء ملطخين بدماء آبائهم معمدين
ودماء الشهداء على مذبج الجريمة
ينادي: لماذا أيها المجرمين
هل جرم أكبر من هذا في هذا التاريخ
وكل المؤشرات تشير إلى فرمان جديد
أنين المقتولين يمزق الصخر والحديد
وجثث الشهداء
تزف في ساحات الكنيسة بيوم العيد
ألا تهتمي يا عراق بأبناك المسالمين
بالرغم من تناولك هذا الكأس اللعين
وشربت من دم الشهداء الطاهرين
شهادتهم باقية وإثبات للمحققين
ذكراهم باقي في القلوب وفكر المؤمنين
سيبقون شموعاً تنير دروب الاخرين
للعبور إلى طريق الخلاص طريق المسيح
لا تهتمي يا بيت نهرين لا تهتمي
أبنائك الأصليين الحقيقيين
هم خميرة المواطنين وشعاع نور للعالمين
هم الباقون الدائمون في الأوطان
ليحمون الأرض وبيت النهرين
وينشروا تعاليم المحبة والسلام وإيمان المسيح
لنصرخ كلنا معاً ترنيمة قائلين:
أيها الشهداء الذين رنموا للأبن بآلامهم تسابيح شجية.
ها نحن جميعاً مع أبناء الكنيسة المقدسة وأبنائها،
نسألك يا رب أن لا تنسى الشهداء
ولا تهمل الأموات لأنهم بفارغ الصبر ينتظرون قيامتك المجيدة.
أبعث أجسادهم من الرميم أيها المسيح المليء بالمراحم
ومتعهم بالراحة الأبدية في كل حين
هاليلويا هاليلويا هاليلويا
ليرفعوا لك الحمد والشكر والتسبيح فأنت باعثهم ومحييهم.
هب لنا يا ربنا يوم الأنبعاث أن نعاين الشهداء والأموات المؤمنين في ملكوتك
ونسمع منك تلك العبارة التي تقول:
تعالوا يا مباركي أبي رثوا الحياة الأبدية.
آمين.

د. جبرائيل شيعا
بيبرى ألمانيا 1 تشرين الثاني 2010م