بحـث
المواضيع الأخيرة
ضعفات المؤمن قوة ، بقلم وردا اسحاق عيسى
النوفلي :: المواضيع الدينية :: حوار ديني
صفحة 1 من اصل 1
ضعفات المؤمن قوة ، بقلم وردا اسحاق عيسى
ضعفات المؤمن قوة
ملكوت الله لم تكن موجودة على الأرض, أسسها الرب يسوع بعد مجيئه على أساس بره, فزرعها في قلوب المؤمنين به. ملكوت الله اذاً تبدأ من قلوب الناس المؤمنة لكي تظهر قوة مجده بهم ليصبحوا نور العالم وملح الأرض, حينئذ سيشعر المؤمن بولادة جديدة نابعة من قوة الروح القدس الساكن فيه, فيتحدى كل ضيق ومرض وكل أسلحة الشر. هذه الولادة الجديدة أعلنها الرب لنيقديموس الذي لم يفهم قصد الرب لأنه كان يفكر تفكيراً جسدياً كالأنسان العتيق لذا طلب منه يسوع أن يولد من جديد.
أختبر آبائنا القديسين الولادة الجديدة فتحملوا التجارب والضيقات دون أرتياب لأنهم كانوا يتعاملون معها ويقاومونها بالروح الساكن فيهم لا يكترثون مصائب وتجارب المجرب, بل كانوا يعتبرونها صلباناً مهداة لهم من يسوع الرب لكي يشاركوه آلامه بفرح, منطلقين من قاعدة أيمانية قوية لا تهزها الرياح العاتية, لأن تلك القاعدة مستندة على الصخرة, والصخرة هي مخلصهم الفادي القوي. يجب أن نقتدي بهم كما أقتدوا هم بيسوع وكما علمنا الرسول بولس. أما الأيمان المبني على الرمل فستضعفه التجربة وتنال منه فيسقط.
كانت حياة آبائنا الأطهار مخصصة للتضحية والشهادة من أجل الآخرين, فلماذا لا نخصص حياتنا نحن اليوم للآلام والشهادة من أجل خلاص الآخر, وكما يريد منا الرب بقوله : (أعظم عمل يقوم به الأنسان هو أن يضحي من أجل محبيه ), وكما ضحى هو من أجل الجميع, لأن الجميع كانوا محبيه. هكذا وضعنا للعمل على نفس الدرب الذي رسمه لنا بدمه الطاهر. لماذا نضعف اذاً بسبب الآلام والأمراض والتجارب؟ ولماذا ننتفخ تكبراً عندما نحصل على شهادة أو مال أو مركز دنيوي زائل؟ علينا أن نعلم بأن هناك فرق بين الضعف في الروح وبين الضعف في الأمور الدنيوية كالمال والعلم والصحة...الخ. جميع الرسل الذين أختارهم الرب كانوا ضعفاء ومن الطبقات الدنيا للمجتمع وذلك لكي يتحدى بهم العالم بما فيه من ملوك وقواد ومعتقدات وفلسفات, أستطاع الرب أن يتحداهم بهؤلاء البسطاء فتحدى فلاسفة الأغريق ببولس فأنتصر عليهم وكسبهم الى الأيمان لذا قال بولس: ( أختار الله ضعفاء العالم لكي يخزي الحكماء والأقوياء لكي لا يفتخر ذي جسد أمامه فمن يريد أن يفتخر فليفتخر بالله). كان بولس الرسول يفتخر بضعفاته وضيقات هذه الدنيا كما كان يفتخر بالله وبالحياة الشاهدة للمسيحية وبأخرته في الأيمان. كما كان يعترف أمام الناس بأن الله هو سيد حياته وأفتداه ولأنه أختاره لكي يصبح رسولاً مضحياً رغم ضعفاته, ورغم عداءه المسبق للكنيسة فقال فأنتظروا دعوتكم أيها الأخوة أن ليس كثيرون حكماء حسب الجسد ليس كثيرون أقوياء, ليس كثيرون شرفاء, بل أختار الله أدنياء العالم والمهمشين والغير الموجود ليبطل الموجود لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه ومنهم أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء.أختار الله هؤلاء لكي لا يتوهموا ويقولوا بأننا كنا بمستوى الأستحقاق فيرتكبون ذنباً ). كما قال في "2قو 10/ 17-18" ومن أراد أافخر فليفتخر بالرب، فليس صاحب الفضيلة المجربة من عظم نفسه, بل من عظمه الرب ). ليس هذا فقط بل كانوا يفتخرون بالضيقات عالمين أن الضيق ينشأ صبراً, والصبر تزكية, والتزكية رجاء, والرجاء لا يخزي لأن محبة الله قد أنسكبت في قلوبهم بالروح القدس. قدرة الله تكمن في ضعف الأنسان المؤمن فلأجل المسيح يسر المؤمن بالضيقات والأهانات والضعفات والأضطهادات والصعوبات الأخرى. لهذا يقول الرسول بولس: ( حينما أكون ضعيفاً, فحينئذ أكون قوياً) " 2قو10/12" . الله لا يجرب, بل الذي يجربنا هو المجرب, أما الله فهو يشكلنا في زمن التجربة أو الضيقة . لذا نطلب منه أن لا يسمح للأبليس أن يجربنا, فنقول له كل يوم لا تدخلنا في التجربة, لكن نجينا من الشرير). علينا اذاً أن لا نظن خطأً بأن الله يجرب كما قال الرسول يعقوب في "13/1": ( لايقل أحد أني أجرب من قبل الله لأن الله غير مُجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً). على كل مؤمن أن يفتخر في وقت الضيق والآلام بصبر, ففي هذه الأوقات يزكي الله الأنسان ويكافؤه. تحمل الضيقلت بصبر ينشأ بيننا و بين رب المجد ثقة وعلاقة. لهذا كان القديسون يقولون للضيقات مرحباً,لأنهم كانوا يتحملون ثقلها ويجدونها خفيفة قياساً بأيمانهم بأكليل المجد والحياة الأبدية, لهذا قال الرسول بولس آلام هذه الدنيا لا تقاس بالمجد المزمع أن يتجلى للمؤمن). على كل مؤمن أن يدرك هذه الحقيقة و يراها بعين الروح لكي يدرك خفتها أمام محبة الله له و يقتدي بالقديسين الذين أختبروا وسلكوا هذا الطريق وحسب قول الرسول يعقوب في " 5/ 11-10 " أقتدوا أيها الأخوة بالأنبياء الذين تكلموا بأسم الرب في جلدهم وصبرهم , نحن نشيد بذكر الذين صبروا وقد سمعتم بصبر أيوب وعرفتم كيف جزاه الرب ، أن الرب رحمن رحيم ).
وقت الضيق والآلام هو وقت الأختبار, أختبار ضعفاتنا ومحبتنا لله, لهذا شعر بولس الرسول عندما أختطف الى السماء بأنه لا يفتخر الا بالضعفات أمام الناس, كان له شوكة وهي الضعف في بصره فقال عنها: ( ملاك الشيطان يلطمني لكي لا أرتفع من جهة, لهذا تضرعت الى الرب لكي يفارقني هذا الضعف, فقال لي : ( تكفيك نعمتي,لأن قوتي في الضعف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالرب بضعفاتي ). وهكذا كان يفتخر بالضيقات والضربات والشتائم والرجم والسجن والأضطهاد وغيرها لأجل أسم المسيح فكان يقول: فيما أنا ضعيف فأني قوي) .
بهذه المعادلة يريد الله أن يفتح بصيرتنا لكي ندرك ونؤمن بأن في وقت الضيق يستطيع الأنسان أن يقول للرب أني محتاج اليك, ولولا تدخلك في حياتي سأبقى ضعيفاً كما كان الرسل ضعفاء كلما كان الرب يتركهم في البحر بعيداً عنهم أو معهم وهو نائم, فعندما كانوا يضعفون أمام التجربة كانوا يلجئون اليه, فتظهر في الحال قوته ألألهية فيصبحوا أكثر أيماناً وقوة, فبالضعف يظهر لنا الأيمان بأننا بحاجة الى الله لهذا قال بولس ليقل الضعيف بطل أنا ), لأن قوة الله معه. نعم الأفتخار بالضعفات والآلام غير مقبول في مجتمعاتنا لذا قال بولس في "1 قو 8/1" : ( أن كلمة الصليب حماقة عند الجاهلين وأما عندنا نحن المخلصين فهي قدرة الله) فالضعيف المتضع هو القوي, لهذا قال لنا الرب: ( من أتضع أرتفع ومن أراد أن يكون سيداً فليكن خادماً) .
اذاً التواضع والضعف والبساطة في الحياة هي سر قوة المؤمن وليس الأفتخار, لهذا أحذرنا منه الرسول يعقوب قائلاً وأما الآن فأنكم تفتخرون بعظمِكُم فهذا الأفتخار ردىء والله لا يقبله).
كل ما نفتخر به في هذه الدنيا فهو من الله ، كالعلم والحكمة والثروة وغيرها, اذاً علينا أن لا نفتخر بأنفسنا بل بالرب الكائن في حياتنا وبمحبته لنا. بآلامنا وضعفاتنا نتذكر عمل الرب على الصليب, وبالتجارب نقول له لتكن مشيئتك لكي نستطيع التحدي والمقاومة. القوي هو الذي يفتخر بالضعفات والآلام لذا كان بولس لا يفتخر الا بها فقال: ( حاشا لي أن أفتخر بغير الصليب) وكما قال في " فل 24/5": ( اللذين هم للمسيح يسوع صلبوا جسدهم بكل ما فيه من أهواء وشهوات ). وهكذا شجعنا يعقوب بقوله في 12/1: ( طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة لأنه اذا تزكى ينال أكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه). والرب يسوع يساعنا في تحمل الآلام كما يعرف قوة تحملنا لها ولا يسمح بتجربة فوق قدراتنا لهذا يقول: ( نيري هين وحملي خفيف) لقد أعطى لكل منا وزنات وكل حسب قدرته, أما الذي ايمانه قليل فيطلب آية أو معجزة لكي يؤمن ويعمل كما حدث للكتبة والفريسين الذين طلبوا من الرب آية "مت 38/12". المعجزات ليست أعمال فائقة للطبيعة والعلم لكنها تبرهن سلطان الله وقدرته على العالم , فالمعجزة هي لتجديد المواقف وزيادة الأيمان ولتسليط بصيرة القلب الأعمى نحو الهدف أي لغرض الشفاء الروحي لا الجسدي الزائل , فعندما كان الرب يرد البصر لأعمى أو يشفي أبرص أو مشلول, أو يعيد الميت الى الحياة كلعازر, فكانت غاية الرب لكي نؤمن به بأنه الله الذي يواصل الخلق والسلامة لمن هو مشلول وأبرص وأعمى في الروح فيرد الأيمان اليه ويثبته في الكرمة. كانت مريم ومرثا قد عاينتا معجزات يسوع لذا أرسلتا الى يسوع تقولان له يا سيد الذي تحبه مريض ). لكن يسوع لم يأتي في الوقت رغم حبه للأختين ولعازر( يو 5/11" لن يأتي لأنه يريد أن يموت لعازر أولاً وبعد ذلك يحضر, لا لكي يبرهن للعالم قوة الله وسلطانه اللامتناهي فحسب بل لكي يؤمن به تلاميذه والحاضرين فيتمجد أسم الله, ويقيم القلوب المنتنة في الخطيئة فلهذا قال: ( لأجلكم أنا أفرح بأني لم أكن هناك حتى تؤمنوا ) "يو 15/11" هكذا أظهر سلطانه لتلاميذه وللآخرين حتى على المائت المنتن. فغاية الرب من هذه الآية ليست لأقامة لعازر, بل لأسباب أكثر عمقاً من الحدث, لذا فعلينا أن لا نفهم المكتوب حرفياً بل أن نفهمه بالروح, فالحرف يؤدي الى الموت والضياع , أما الروح فيكشف لنا مقاصد الله الذي يريد أن يعطي لنا من خلال ذلك النور, الحياة والحرية الأبدية وحسب الأية : ( لأن الرب هو الروح, وحيث يكون روح الرب, تكون الحرية)" 2 قو 17/3 ". الروح الساكن فينا يعطينا الصبر ويرشدنا الى المستقبل فيعطينا الرجاء والقوة والشجاعة لمواصلة السير محتملين الأمراض والمشقات والتعدي متجنبين الأستسلام الى أن نصل الى بر الأمان وهكذا سينال كل مؤمن صبور أكليل المجد الذي أعده له الله وكما أعلنه للجميع على لسان رسوله بولس في 1قو 9/2 قائلاً: (أعد الله للذين يحبونه كل ما لم تراه عين ولا سمعت به أذن, ولا خطر على قلب بشر ).
ولإلهنا القدير كل المحبة والمجد والتسبيح دائماً.
بقلم
وردا أسحاق عيسى
ونزد- كندا
مسعود هرمز النوفلي- عدد الرسائل : 131
العمر : 73
تاريخ التسجيل : 07/09/2009
مواضيع مماثلة
» الصوم، بقلم وردا أسحاق عيسى
» الثالوث الأقدس في العهد القديم ، بقلم وردا اسحاق عيسى
» الثالوث الأقدس في العهد الجديد ، بقلم وردا اسحاق عيسى
» الصلاة .. وردا أسحاق عيسى
» قصة مار كوركيس الشهيد بين الأسطورة والواقع،بقلم وردا اسحاق ع
» الثالوث الأقدس في العهد القديم ، بقلم وردا اسحاق عيسى
» الثالوث الأقدس في العهد الجديد ، بقلم وردا اسحاق عيسى
» الصلاة .. وردا أسحاق عيسى
» قصة مار كوركيس الشهيد بين الأسطورة والواقع،بقلم وردا اسحاق ع
النوفلي :: المواضيع الدينية :: حوار ديني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz
» رمش عيد ختان الرب 2022
الخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» الجمعة الرابعة من السوبارا
الأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا
الخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz
» شبح لالاها معشنان
الثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz
» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz
» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz