النوفلي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» صلاة صباح عيد ختان الرب 2023
ألآب Emptyالسبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz

» رمش عيد ختان الرب 2022
ألآب Emptyالخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» الجمعة الرابعة من السوبارا
ألآب Emptyالأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا
ألآب Emptyالخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz

» شبح لالاها معشنان
ألآب Emptyالثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
ألآب Emptyالجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz

» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
ألآب Emptyالخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
ألآب Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz

» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
ألآب Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات
التبادل الاعلاني
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات


ألآب

اذهب الى الأسفل

ألآب Empty ألآب

مُساهمة  طلال فؤاد حنوكة ايشوعي الأحد أكتوبر 24, 2010 8:46 pm

ما هي الفكرة التي تكَوِّنوها عن الله ؟؟؟

ما هي الصورة، ما هي العاطفة التي يثيرها في صدوركم؟..

وبأي اسم تنادونه؟.. أباسم "ألآب"؟

الابن، إنما جاء ليعلن ألآب لنا،

غير أن السواد الأعظم من المسيحيين لا يذكر من رسالة المسيح إلا الابن.

هذه الديانة الطرح، ديانتهم هم.

أنهم لا يزالون على الطريق ( "أنا هو الطريق")

عوض أن يكونوا قد وصلوا إلى حيث أراد المسيح أن يوصلهم.

إن محبتهم للمسيح كلها يجب أن تقودهم إلى ألآب،

ولن يكونوا مقربين إلى المسيح ومتحدين به اتحادا وثيقا إلا بقدر ما يصيرون أبناء.

أنهم لن يعربوا له عن مزيد من رقة الحب، والتكريم،

إلا عندما يجسرون أن يقولوا: أيها ألآب،

وقد تربوا على وصاياه وتنشئوا على تعليمه الإلهي.

غير أن الكثيرين منهم، لمجرد أنهم وجدوا الابن وتعلقوا به، قد استغنوا عن ألآب.

يرغبون في أن يكونوا أبناء لله من غير أن يكونوا إخوة للبشر.

وتجاه الله، يريدون أن يكونوا إخوة من غير أن يكونوا أبناء.

إن شكوى المسيح بهذا الصدد لا تزال من الحاضر:

"أيها ألآب العادل،... العالم لم يعرفك..." (يوحنا25:17).

من منا يفكر بالله كما يفكر بأبيه؟..

وبما أن ليس كل إنسان قد حظي بأب،

فعلى الأقل، من هو الذي يتساءل كيف كان يكون كأب أو كأم،

مؤمنا مع ذلك أن الله أفضل مما كان يكونه هو؟

ولكننا نعتقد عكس ذلك، نحن نعتقد أننا الآباء الصالحون، والأمهات الصالحات،

وان الله هو مثلنا قليلا.

إن أكثر المسيحيين قد وصلوا إلى هذا الحد:

أنهم لا يريدون أن يكونوا ذلك الإله الذي يتصورونه، وربما تصوروا أنهم أفضل منه.

عبارة مريعة لفظها فولتير:

"الله صنع الإنسان على صورته ومثالة، ولكن الإنسان بادله ذلك جيدا".

الإنسان، من طبعة، عابد وثن، انه يصنع باستمرار إلها على صورته ومثالة.

يُسوّل لكل واحد أن يتصور الله قابعا في عالم الغيب، ساخطا بشكل غامض،

ساهيا، لا مباليا، يتخيله حقودا، كثير الهمهمة.

ولأننا لا نحبّه كثيرا، فإننا نحسب أنه لا يحبنا كثيرا.

غير أن الوحي يعلمنا: أن الله ليس مثلنا،

وأننا، لكي ندرك ما يكنه لنا من العواطف، يجب ألا نستشير عواطفنا إزاءه تعالى،

وان الله هو أب، هو محبّة، وأنه يحبنا دون أن نبادله هذه المحبة،

وان الله قد أحبّنا أولا إي قبل أن نحبّه.

أننا نتلو: أبانا... ولكن، كم مرة آمنّا حقا بما نقول؟..

القديس توما الأكويني يقول: "الإيمان لا يتناول نص العقيدة، بل الحقيقة التي يُعبّر عَنها".

نادرا ما ندرك حقيقة ما هو، بالنسبة إلينا، ليس سوى كلمة نستعملها عادة.

فيا لقلة الإيمان بالله، ويا لقلة الثّقة به تعالى!

إننا نعوّل علية بتمتمات الشفاه فقط، لا من القلب.

ما عسانا كنّا نقول لو كان أولادنا في صميمهم يعتقدون

أنهم مسئولون وحدهم عن أنفسهم، ومتروكون منا ليتدبروا أمرهم بنفسهم،

ولا يتوقعون منا أن نعطيهم ما هم بحاجة إليه؟...

بين العوامل كلها، والتأثيرات التي تساعد على تنشئتنا،

ليس ثمة أهم ولا أنجع من الفكرة التي نكونها عن الله.

فإذا كانت هذه الفكرة جامدة، مبهمة، باردة،

فعلى مثالها ستكون ديانتنا: تأليه لا يَد للوحي فيه، وعزلة.

والفكرة هذه هامة، خاصة لأننا نصبح على مثال الله الذي نتصوره.

لقد تحطم كل تاريخ البشريّة، وخرج عن الطريق السوية،

لان آدم قد كوّن فكرة خاطئة عن الله.

إن آدم أراد أن يكون على شبه أتم بالله.

أمل ألا تكونوا أبدا فكرتم بأن خطيئة ادم قائمة بهذا؟..

فأي مطمح آخر يضع ادم لنفسه؟..

أوَلم يكن ذلك هو المطمح نفسه الذي كان الله قد دعاه إليه؟

غير أن آدم قد خُدِع في المثال فقط: فقد اعتقد أن الله هو كائن مستقل، مزهو بذاته،

ولكي يكون على شبهه، تمرد عليه وعصاه.

ولكن عندما اظهر الله ذاته، عندما أراد الله أن يُظهر ماهيّته الحقيقية،

فقد ظهر انه الحب، والحنان، واندفاق الذات،

ظهر انه لطف وتساهل لا حد لهما، وتعلّق وارتباط بغيره، وطاعة حتى الموت.

وعندما اعتقد آدم انه صار إلها، كان يختلف عن الله تماما.

فكان ينعزل في الوحدة بينما الله لم يكن سوى اتحاد.

كل واحد منا يجدد خطيئة ادم وضلاله.

فأين تظنون أنكم تجدون السعادة؟...

ألا تعتقدون أنكم تجدونها في الثروة المتزايدة،

في الاستقلال التام ، في الانعتاق من الذل، في عمل ما تريدون،

والتفكير بما يروق لكم، وتأمين مستقبلكم، والاعتماد على أسباب غناكم؟...

وأسفاه!.. إن هذه كلها والصلاة الربّيّة على طرفي نقيض؟

فهل يتحول طموحكم إلى محبة، وتعلق، وارتباط بالغير،

وتعمل سعادتكم على إسعاد الآخرين، وتستعملون ثروتكم في العطاء،

وسلطتكم في الخدمة، ومسرّتكم في الغير؟..

إذ ذاك تصيرون على مثال الآب، وتكونون بالحقيقة أبناء.

نحن مجربون دائما من الشيطان الهالك، "المفصول"، المنعزل.

لدينا، باستمرار، انطباع أننا كائنون ودائمون، أكثر ما يكون، في التملك والتلذذ،

أكثر مما هو في بذل الذات، وفي الاستقلال أكثر من الارتباط بالغير

ارتباطا ناجما عن احتياجنا إليه (ارتهاننا به)، وفي حرية التصرف أكثر من الخضوع .

عندنا ميل دائم إلى التصلب، إلى تثبيت شخصيتنا،

وبقدر ما نكون أقوياء، بقدر ما نطمح إلى الاكتفاء بذاتنا، إلى ترتيب أمورنا،

وإلى فرض أنفسنا على غيرنا، إلى إن نكون شيئا هاما بأنفسنا ولأنفسنا.

الله ليس شيئا بنفسه هو، إنه علاقة مستمرة.

إن تعدد الأقانيم في الله هو حاجة لكي يكونوا الله،

وتعدد الأقانيم في الله هو ضرورة ليكونوا محبّة وعطاء.

فلا يكون ألآب أبا إلا بإيلاده الابن، ولا يكون الابن ابنا إلا بإرجاعه ذاته،

بصيرورته عطاء بدوره.

الله تعالى قد أوحى بأنه ليس الإله المنعزل، "الإله المتخلّي عن العوالم".

الإله الذي ليس لأنانيته حدود، فهو تدفّق ونشوة واتصال وبذل مطلق للذات.

ألا نشعر بهزة الطرب تملأ أعطافنا عندما نرنّم في قدّاس يوم الأحد ،

في تسبحةٍ للثالوث الأقدس:

" أيّة غبطة، يا الله، ألا تكون وحيدا،

"وأيّة هناءة، يا الله، أن تكون أكثر من أقنوم واحد،

"وأيّ فرح، يا الله، أن تكون محبة، أن تكون أبا!"

إن كونه أبا، ذلك ما طيب له أن يخلق.

ولو لم يكن عنده ابن لما كان أبدَعَنا،

وقد خلقنا على صورة ابنه الحبيب، وصار أبا.

ما معنى أن تكون الآب؟

أن تكون الآب هذا يعني أن تكون السبّاق في المحبّة،

أن تكون الآب، هذا يعني أن تبذل ذاتك،

أن تحبّ كائنا قبل أن يحبك، أن تحبه قبل أن يحبك، قبل أن يوجد حتى .

أن تكون أبا، هذا يعني أن تحب الناس محبّة مجانيّة،

ولو لم يكونوا عملوا في سبيلك شيئا.

"ولا يكاد أحد يموت عن بار.

فلعل أحدا يقدم على أن يموت عن صالح.

أما الله فقد برهن على محبته لنا بأن المسيح قد مات عنا ونحن بعد خطأه"(روما5: 7-8 ).

وبدون أن يأخذ على نفسه عهدا بان يصنع لصالحك شيئا.

عندما يولد طفل في العالم،

ما هي الضمانة لان يكون هدا الطفل سعيدا، كريما، عارفا للجميل، محبّا، ومستقيما؟..

هناك ضمانة وحيدة.. سأحبّه حتى الجنون، وفي سبيله سأتعذّب بكل أناة،

وسأصفَح عنه غالبا جدا، لدرجة انه لا بد من أن يأتي يوم ويحبني فيه كما أحبه.

فهذه هي الضمانة الوحيدة التي اتخذها الله حيالنا.

الأشخاص الذين يحبوننا حقيقة،

إنهم لا يفعلون ذلك لأجل الصفات التي يجدونها فينا عندما يبدؤون في محبتهم لنا،

بل بسبب طيبة قلبهم الذي هو من الطيبة والعدل والأمانة

ما يكفي لان يوقظ فينا ذات يوم حبّا شبيها بحبهم.

فالحب وحده هو خلاق، وجنون الحب السخيّ هو وحده قادر على إيلاد الحياة.

انظر إلى بالغين ،إلى والدَين في تمام تفتحهما،

يحنوان على طفل في الأيام الأولى من عمره بتفان كلي،

ويجعلان نفسيهما تابعين له بشغف، ويعطيانه قيمة لا حد لها،

حتى إنهما على أتم استعداد لأن يبذلا في سبيله دمهما، وخبراتهما، وحياتهما،

هذا الطفل التافه، المجهول، هذا الكائن اللاموجود تقريبا.

فبفضل هذا العطاء السخي يولد الطفل، وبفضله يحيا، ويخدم، ويبتسم،

ويجد، ببساطة، الشروط التي يتطلبها وجوده،

وفي يوم من الأيام يستفيق على هذا الحب الذي أبدعه.

في الخامسة أو السادسة عشرة من عمره، غالبا ما يُحيّر الأهل في أمر ولدهم،

فلا يجدون فيه طفلهم الذي أحبّوا.

إن ما يحدث غالبا، وبكل أسف، في هذه المرحلة من سن الولد،

أن الأهل يعتقدون أنهم يعرفون ولَدهم فيحكمون عليه،

بل يجب القول: إنهم لا يعودون يحبونه في هذا السن، وبالتالي لا يستمرون في "خلقه".

لان من أحب كائنا، آمن به ووضع رجاءه فيه دائما.

فالأهل الدين لا يعودون يؤمنون بإمكانيات الخير اللامتناهيّة التي تحتويها قلوب أولادهم،

لا يعودون يحبون هؤلاء الأولاد، ولم يعد عندهم القدر الكافي من الإيمان والشجاعة ليحبوهم.

إذ ذاك ينصرف الأولاد إلى الخارج مفتشين عن "صديق" أو "صديقة"،

عن معلم، عن مطلق شخص يمكن أن يثق به حتى يساعدهم على اكتمال نموهم.

فالفتى لا ينمو ولا يتقدم في العمر إلا بالنسبة للذين يحبونه.

نحن نعترف بجميل من أحبنا وعرف أن يثق بنا

لدرجة تجعلنا نجسر أن نكون إزاءه أفضل، أحن،

وأكثر عرضة للانتقاد، وأكثر سخاء مما نكونه إزاء أي شخص آخر.

أن تحب كائنا، فهذا يعني أن توجه إليه النداء الأقوى والأكثر إلحاحا،

أن تحرك في أعماقه ذلك الكائن الخفي، الصامت،

الذي لا يستطيع أن يصم إذنيه عن سماع صوتنا،

ذلك الكائن الذي هو جديد لدرجة أن صاحبه، حتى، لم يكن يعرفه،

ولكنة بالغ من الإخلاص لدرجة لا يمكنه معها إلا أن يتعرف إليه

حتى ولو كان يراه لأول مرة.

إن الله يحبنا هكذا ، يحبنا بكل أمانة ، وصبر لا ينتهي، لان الله هو أب دونما حدود.

يمكن أن يُنكر الله وان ينسى، ولكنه لا يستطيع أن ينسانا وينكرنا.

يستطيع الإنسان أن يتخلى عن الله ، ولكن لا يستطيع الله أن يتخلى عن الإنسان.

يستطيع الإنسان ألا يعود ابنا لله ، ولكن لا يستطيع الله أن يكف عن أن يكون أبا.

إبداع الله الخليقة كان فعل محبة، وذلك لكي يعطي، ويبذل ذاته،

ولكي يحيي خلائق أخرى بحياته هو، ويفرح خلائق أخرى بفرحه هو ،

لكي توجد كائنات تمارس المحبة نحوها والعطاء،

وتعرف، هي، فرح الحياة والمحبة.

ولان الله هو أب إلى آخر حدود الأبوة فقد شاء أن يهبنا كل شيء، ونعرف عنه كل شيء.

وهكذا أعطانا الله أن نصبح عطاء، ونصير آباء بدورنا،

لقد وهبنا لذة العطاء لنعرف طعم فرح الله.

إن الله أعطانا بسخاء وافر، حتى انه أعطانا أن نعطي.

غير أن التعليم الديني يقول: إن الله خلق العالم بمجده.

فان كان يصنع كل شيء من اجل ذاته،

فقد عاد إذن من جديد ذلك الأناني دونما حدود.

فما هو مجد الله؟...

أن الله يحب، ومجده قائم بهذا: أن يكون إلها ومحبّة، وان يحبنا إلى هذا الحد.

أن الله أبدع العالم بفعل محبّة، لكي يعلن محبته،

ولكي تدرك الخلائق كيف والى أي حد يعرف الله أن يحب.

هكذا، بالنسبة إلينا: أن يصير الواحد إلها ، فهذا يعني ان يتعلم أن يصير أبا

"فقط عندما صرت أبا، أدركت ما يمكن ان يكون ذلك:

هو أنني أصبحت الله"، (هكذا قال غوريو)،

هو أن أتعلم أن أنبه إلى الحياة، ولكن، بكل تأكيد،

لا إلى الحياة الطبيعية فحسب، فما أفقرها أبوة إن كانت محصورة بهذه فقط!

فالمقصود هو الإيقاظ إلى الإيمان، والثقة، والمحبة، والحقيقة، والفرح؛

فتلك هي أبوّة حقيقيّة، روحيّة تفوق بما لا نهاية له ألأبوة الطبيعية.

ما أكثر الأولاد الذين هم أيتام منذ ولادتهم:

فليس لديهم من ينفخ فيهم حياة غير حياة الجسد والدّموع!

في العهد القديم، عندما كانت الحالة تستدعي وجود كائن يسترعي الانتباه،

كان يولد من امرأة عاقر، لأن الخصوبة الحقيقية هي من الله .

وفي العهد الجديد ولد من عذراء.

إن الله أب، ونحن أيضا أباء بقدر قليل.

نحن، بدون شك، متعلقون بأولادنا.

ولكننا متعلقون أيضا بأمور أخرى كثيرة: أعمالنا، ومهنتنا، وزواجنا،

وأذواقنا، ونجاحنا، وتسلياننا، وبالوقت ذاته نحن نخص ذواتنا.

إننا لسنا آباء كفاية.

"لا احد يعرف الآب" (متى 27:11).

الله وحدة أب فحسب.

إنه يعطي ذاته كلها لابنة الحبيب.

في الله ليس من ذرة رجوع واحدة عما أعطى، ولا ذرة من السعي وراء الذات.

ولهذا السبب له ابن كامل يشبهه تماما.

" كل ما هو لك هو لي".

يقول يسوع، ويزيد: " وكل ما هو لي هو لك" (يوحنا 10:17).

إذن، ما هو الذي للآب؟ انه يحب، ويبذل ذاته.

إذن أن ما أخذه الابن هو أن يعيد نفسه.

إن تفانيه الشخصي لأبيه هو إظهار للطريقة التي يحبّه الله بها.

فمن أين استقى كل هذه المحبّة؟.. من عند أبيه:

"الابن لا يقدر أن يعمل شيئا من نفسه،إلا ما يرى الآب يعمله" (يوحنا 19:5)

إن الله بالحقيقة هو الأكثر جسارة بين الكائنات كلها،

لأنه وضع سعادته، كل سعادته، في محبته،

وجعل غبطته، كل غبطته، رهينة بآخر، وفيه وضع كل مسراته.

فالآب لا يعرف ذاته جيدا، ولا يحبها جيدا،

إن الأب لا يعرف ذاته جيدا ولا يحبها جيدا الا بابنه، " فهو ضياء مجده، وصورة جوهره".

كذلك، في العهد الجديد، عندما يتخلى الآب بظهوراته الإلهية،

فانه لا يمجد نفسه بنفسه أبدا، ولا يتكلم عن نفسه، بل يشير إلى ابنه قائلا:

" هذا هو ابني الحبيب، فله اسمعوا، هذا هو ابني الذي به سررت "(متى 17: 5)،

إني أجد ذاتي فيه أكثر مما أجدها في نفسي .

عندما يسالون أمًّا: "كيف حالك؟ " ،

فلماذا هي تجيب: "جان هو على أحسن حال، رينيه فعل كذا ، وبطرس كذا..."؟

لان ما ينبض في نفسها بالحياة أكثر من أي شيء آخر، هو أولادها،

فحياتها، من الآن فصاعدا، هي هنا، وهذا هو ما يهمّها.

لقد انتابها هذا الاختطاف عفوا، وبطريقة طبيعية.

إنها تجد مسراتها في غيرها، في أولادها.

والآب هو الذي وجد كل مسرّاته بشخص آخر.

إن الآب هو الذي يعتلن الابن.

فنحن نحتاج إلى ان نطلب إلى الابن أن يرينا الآب: "يا سيد، أرنا الآب..."

ونتيجة لضلال مؤسف، إن فئة من المسيحيين لا تزال تتصوّر أن سر الفداء

هو نوع من النقاش بين الآب والإبن: الإبن يتدخل ليُسكِن غضب الآب، أو،

كما يقول البعض: "إن قلب الإبن هو السّر الوحيد الذي يحمينا من غضب الآب.. "

والحال أن الوحي يقول لنا: إن الله أحب العالم هكذا حتى انه بدل ابنه الوحيد ليخلصه.

فأي إجراء كان كلفه أكثر من هذا العطاء؟..

وأية بادرة كانت تطلبت حبا أكثر من هذا الحب؟...

فليجب من هم آباء بما يلي: أن يأتي هو بذاته، أم أن يعطينا اعز ما لدية؟..

" لان الله هو الذي كان في المسيح ، مصالحا العالم مع نفسه"(2 كو 19:5) .

" ولست أقول لكم إني اسأل الآب من أجلكم فان الآب هو يحبكم"(يوحنا 16: 26-27) .

كثيرون من المسيحيين يعتقدون أن الابن قد اخذ مبادرة خلاصنا.

غير أن الإنجيل يقول:

"أنا لم آت من عندي، بل الآب هو الذي أرسلني"(يوحنا 8: 42).

"الكلام الذي أكلمكم به، لا أتكلم به من نفسي،

بل الآب الذي هو مقيم في ويعمل أعماله"(يوحنا10:14).

إن المسيح يسوع هو وحْي ألآب.

وهو الذي قال لنا إن الآب كله موجود في الابن، وإننا حين نرى الابن نرى الآب،

وان المحبة التي أظهرها لنا الابن هي متأتية من ألآب.

"من راني فقد رأى الآب" (يوحنا 9:14 ).

هل تأملتم مرة في هذه الكلمات أمام يسوع المصلوب؟...

يسوع المسيح إنما جاء ليتيح لنا ألإلفه مع ألآب، لقد استمات في إظهار محبّة الآب لنا.

أما نحن، فقد رأينا في ذلك نوعا من المداخلة الواقية، من الاحتجاج،

بل طلاقا حصل في صميم الثالوث الأقدس الذي هو محبّة.

وكأني بنا قد شاهدنا بادرة المسيح، من غير ان نسمع المعنى لهذه البادرة،

المسيح الذي أعطانا ولمّا يزل.

عندما نقرا مطلع إنجيل يوحنا، تتفتح مفاهيمنا على: "إن الكلمة صار جسدا وحل فينا".

إن هذا يخصّنا، إن هذا يهمنا: لقد حصلنا عليه، لقد أمسكناه.

ولكن، هل نعلم ما ورد في النص بعد ذلك؟... " لقد رأينا مجده "...

إن هذا المجد قد أصبح كلمة جوفاء بالنسبة إلينا، لأننا لم نعد نفقه ما هو.

فالمجد هو المحبّة، انه نشر الله ذاتة فينا،

انه حضور الله إلينا، بألفة تتزايد،

"ولقد أبصرنا مجده، كالمجد الذي يتلقاه ابن وحيد من أبيه".

هدا ما قاله يسوع قبيل موته:

" يا أبت، لقد أتممت العمل الذي أعطيتني لأعمله ...

لقد أعلنت اسمك للناس... والآن قد علموا أن كل ما أعطيتَه لي هو منك" (يوحنا 8:17).

هنا إذا تكمن العقيدة الجوهريّة: ألآب هو الذي أرسل الابن لأن ألآب يحبنا.

"لان الكلام الذي أعطيته لي، قد أعطيته لهم،

وهم قبلوه، وعلموا يقينا انك أنت أرسلتني" (يوحنا 8:18).

أنؤمن حقا بذلك؟..

وإذا ما آمنا بذلك، ألا تكون حياتنا مستنيرة به؟..
طلال فؤاد حنوكة ايشوعي
طلال فؤاد حنوكة ايشوعي

عدد الرسائل : 1971
العمر : 63
تاريخ التسجيل : 31/03/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى