بحـث
المواضيع الأخيرة
النفس البشرية ( روحانيتها )
النوفلي :: المواضيع الدينية :: عظات
صفحة 1 من اصل 1
النفس البشرية ( روحانيتها )
بقلم المتنيح القمص أيوب مسيحة
عرفنا من موضوعنا السابق شيئا عن وجود النفس وماهيتها وقلنا إنه لا يكفينا أن نعرف أن لنا نفوسا غير مادية فأنه للحيوان أيضا أصلا حيويا غير مادي والآن علينا أن نبين أن أنفسنا هذه تمتاز عن غيرها من النفوس المخلوقة بكثير من الامتيازات التي سنوالي التحدث عنها واحدة فواحدة والتي يسرنا أن نبسط أحداها الآن بين يدي قرائنا الأعزاء وهي -روحانيتها- والشئ الروحاني صنفان.
الأول- من لا تربطه رابطة بالمادة كالملائكة.
الثاني- من لا يتعلق تعلقا ذاتيا علي المادة وإن كان مرتبطا بها فيستطيع أن يعمل وأن يوجد من دونها.كالنفس البشرية.وهذا ما يفهم من روحانية النفس وهذا ما نريد إثباته بهذه البراهين.
أولا- الشعور الباطني.ويراد من ذلك أن هذه الروحانية من الأمور التي نشعر بها شعورا كليا ونري أنها لا تحتاج إلي برهان ما.فروحانية النفس هي إحدي هذه الحقائق التي نراها فنؤكدها ونحيا بها بصراحة وقوة لا يمكن مقاومتهما.فحرية النفس وحياتها بعد الجسد وهما الأمران اللذان نحبهما يستلزمان بالضرورة استقلال النفس عن الجسد الذي تحييه وبالتالي يستلزمان روحانيتها.
تلك أشياء لا يمكن نكرانها أو الحياة بدونها وأن اعترافنا بحرية النفس ومجاهرتنا بحياتها بعد الموت من الأشياء الصادرة لا عن عاطفة ولكنها صدي الحقيقة التي يجب أن نجاهر بها والتي عبثا يحاول البعض نكرانها ومقاومتها.
ثانيا- أعمال النفس.من الثمرة تعرف الشجرة والمعلولات ترشدنا إلي وجود علتها وماهيتها فحينما ندرس أعمال النفس ندرك بكل سهولة أنها تتناول الروحانيات فنستنتج من ذلك بحق أن النفس روحانية ويمكننا أن ندرك في أعمالها أمرين.
1- معارفها الروحية.ويراد بالمعارف المعلومات التي يمكن للنفس أن تعيها وتدرك شيئا عنها قل أو كثر صح أو كذب.فالحيوان لا يمكنه أن يفكر إلا في وقته الحاضر.أما الإنسان ففي استطاعته أن يفكر في المستقبل القريب والبعيد بل يمكنه أن يتخطي ذلك بكثير فيحدثك عن انتهاء العالم والدينونة والحياة الأبدية وما إلي ذلك من الأمور التي لا يدركها سواه ولا يلم بها غيره.
والنفس الإنسانية كما تعي الأشياء المستقبلة المادية فهي تعي أيضا الأشياء الروحية خذ لذلك مثلا الفكرة عن الله.فالنفس عندها هذه الفكرة والملحدون أنفسهم الذين ينكرون وجود الله كانت لديهم هذه الفكرة أيضا لأنهم تصوروا الله في أذهانهم وبعد ذلك أخذوا يقاومون فكرة وجوده.
فالفكرة عن الألوهية لا يمكن أبدا للإنسان أن يشك فيها حتي الوثني لديه الكثير من الأفكار المتعددة التي تتعلق بمعبوده والتي لا يسهل علي العلم مهما بولغ فيه أن يزعزع مثل هذه الأفكار فأين توجد فينا هذه الفكرة.أن لها بالضرورة دعامة ترتكن عليها ولا تقبل هذه الدعامة صورة إن لم تكن روحانية.فالنفس إذا التي تعي الفكرة عن الله لا شك أنها روحانية مثله تعالي.
2- ميولها الروحانية.ولكل مخلوق ميوله الخاصة تلك التي بها يمكنه أن يحكم بطبيعته وللنفس ميولها الخاصة التي يسهل علينا بعد دراستها والتحقق منها أن نحكم بروحانيتها ويكفي أن نورد لذلك مثلا يبرهن لنا علي صدق ما نقول وذلك عن الحب العائلي عند الإنسان وعند الحيوان ليظهر الفرق الجوهري بين نفس الحيوان غير المادية ونفس الإنسان سيدة الجسد الذي تحييه-ففي الحيوانات ذوات الثدي نتبين محبة الأم لصغارها غير أنها ليست إلا ميلا طبيعيا وتأثيرا سريعا وفي الواقع لا يكاد صغيرها يكبر حتي يزول التأثر الذي كان في أمه فلا تعود تهتم به أو تعرفه.
أما في الإنسان فالأمر بالعكس ومحبة الوالدين لولدهما ليست مرتبطة بالحواس بل مرتبطة بأصل مستقل عن المادة فتري المظهر المادي يتغير كثيرا ومحبة الأم لا تتغير.كذلك محبة الولد لأمه مستقلة عن كل تأثر إحساسي أي أنها روحانية ومهما جعدت السنون أسارير والدته وغيرت ملامحها وذهبت الأسقام بصورتها فالطفل يعرفها دائما بل تعظم محبته لها في هذه الحالة.
تلك حالة تدل دلالة واضحة علي أن النفس الإنسانية غير الغريزة الحيوانية التي تتوقف علي الحس بل هي روحانية.
ثالثا- النضال بين النفس والجسد.ويراد بهذه النظرية إثبات أن النفس مستقلة تماما عن الجسد وأنها في نضال مستمر معه وكثيرا ما تتغلب عليه وتقهره وإنها كثيرا ما تفعل عكس ما كانت تفعله لو كانت خاضعة له.ولإيضاح ذلك نورد بعض حقائق عما يقع من النضال بين النفس والجسد مما يدل علي أن النفس مستقلة عن الجسد وإنها روحانية.
1- إن النفس تدفع الجسد إلي مهاوي الخطر رغما عما يستحوذ علي جميع الأعضاء الجسدية من الخوف والرعب كما إذا رأي أحدنا طفلا تكاد تلتهمه النيران فتدفعه نفسه إلي المخاطرة بحياته لإنقاذ هذا الطفل رغما عما يستحوذ عليه من المخاوف وهذا مما يثبت أن النفس مستقلة عن الجسد.
2- إن النفس تكره الجسد علي الصوم كلما شاءت ذلك بل وفي نفس الوقت الذي تحس فيه الأعضاء بالجوع.
3- إن النفس ترغم الرأس المتعبة علي السهر وتأبي عليها النوم الذي تطلبه كلما أرادت.
4- إن الانتحار يبرهن علي استقلال النفس وروحانيتها فليس يحارب الإنسان ذاته ولا يهلك نفسه بيده.فأن فعل ذلك فلأنه يوجد فيه شئ يهلك شيئا آخر وهذا الشئ هو النفس التي تريد إهلاك الجسد وتأمر بهذا الهلاك مما يدل دلالة واضحة علي استقلالها عنه.
5- إن مقاومة التجارب ولاسيما تجارب الشهوات الجسدية تبرهن علي وجود نفس روحانية وألوف الانتصارات التي تحرزها النفوس يوميا تؤيد هذه الحقيقة.
وإن كنا رأينا عيسو قد خارت قواه وضعفت نفسه عندما باع البكورية بأكلة زهيدة لأخيه يعقوب.ولكننا لا ننسي موقف يوسف أمام سيدته المصرية وقد راودته عن نفسه التي أبت هذا الفعل الشنيع وأمكنها أن تقاوم الجسد وتتغلب عليه وعلي ميوله وهنا نجد أن النفس تبرهن علي روحانيتها بذاتها وذلك بتسلطها علي أعضاء الجسد تديرها وتسودها.
رابعا- الصلة بين النفس والدماغ.والمراد بذلك أن النفس البشرية في حاجة إلي معلومات تأتي بها إليها الحواس فتخزنها في الدماغ وتكون علاقة النفس بها كعلاقة المصور بقماشه وريشته أو الموسيقي بآلاته.فيستخدمها في توليد الفكر ولكنها هي التي تلده كما أن الصورة هي من مخيلة المصور ولكنه استخدم في إخراجها إلي حيز الوجود أفلامه وألوانه المتنوعة.
فكون الدماغ ضروريا لتوليد الفكر ليس برهانا علي أنه هو مؤلفه ويكفي لبيان ذلك أن نورد بعضا من الحقائق التي لا يمكن إنكارها تنافي القول بأن الدماغ يولد الفكر.
1- لو كان الدماغ هو الذي يلد الفكر لما أمكن إدراك سر النطق لأنه إذا كنا ندرك معارفنا بمجرد الدماغ فقط فلا حاجة بنا إلي النطق بالكلام المسموع وهذا بين البطلان لأن الكلام المسموع يملي علينا أفكارا فنحن نسمع هذه الكلمة لأنها وقعت علي نقطة معينة من دماغنا كما يقرع الصوت سمعنا فكيف يؤدي هذا الصوت إذن إلي أفكار تختلف باختلاف الأحوال فقد يسمع أحدنا مثلا كلمة بيت فيفهم منها مرة معني دار السكني ومرة أخري معني بيت الشعر وهكذا من الكلمات التي يقع صوتها علي الدماغ علي منوال واحد ونفهم مع ذلك معان مختلفة.والسر في هذا لابد أن يكون فينا شيئا يميز بين تأثيرات الدماغ ويعمل فيها ويستخرج منها الفكر.وهذا هو النفس الروحانية.
2- قد نقرأ أحيانا كلمات في موضوعين مختلفين فنمر بالأولي دون أقل تأثر ونقف عند الثانية متأثرين وقد نبكي من شدة التأثر مع أننا قرأنا هذه الكلمات همسا وبدون صوت مسموع.فما السر في ذلك التأثير مع أن هذه الكلمات المؤثرة لم يصل لها صوت ما إلي الدماغ.لا شئ يفسر هذا اللغز سوي أنه عمل قوة سامية تري ما لا تراه المادة وهي النفس الروحانية.
3- حينما يفوه واعظ بعظة أو خطيب بخطبة تقع الكلمات علي آذان السامعين وتتأثر أدمغتهم علي منوال واحد.ثم علي أثر هذه التأثرات المتشابهة يتولد عند البعض منهم شعور بالواجب عليهم فيرجعون عن غيهم ويعيشون عيشة التقوي والصلاح.وهذه ظاهرة قد لا تتمشي مع جميع السامعين إذ كم من السامعين للمواعظ والخطب مازالوا بعيدين عن التدين الحقيقي.فإذا كان الأمر قاصرا علي الدماغ فلماذا هذا الاختلاف مع أن ما ألقي علي أدمغة هؤلاء هو بنفسه الذي وقع علي أدمغة أولئك.لا شك أن هناك نفوسا تعمل صحبة الأدمغة وأن هذه النفوس روحانية لا شك في ذلك ولا ريب.
هذا ما أمكننا أن نحدثك عنه أيها القارئ العزيز عن روحانية النفس وها نحن جادون في الكتابة عن حريتها ولنا رجاء عظيم أن الله سيوفقنا فيما نكتب مادمنا نلتمس الحقيقة وننشرها فوداعا وإلي اللقاء.
طلال فؤاد حنوكة ايشوعي- عدد الرسائل : 1971
العمر : 63
تاريخ التسجيل : 31/03/2010
النوفلي :: المواضيع الدينية :: عظات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz
» رمش عيد ختان الرب 2022
الخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» الجمعة الرابعة من السوبارا
الأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا
الخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz
» شبح لالاها معشنان
الثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz
» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz
» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz