على الطريق مع مريم

مهند عمانوئيل بشي الإثنين يونيو 23, 2008 6:41 am

على الطريق مع مريم

ان التفكير في حضور العذراء في وسط حياتنا وقلبها يتدفق لنا حنانا ومحبة هو حافز لنا على التخلي عن رتابة حياتنا اليومية .
لان الحياة المسيحية هي حياة المسيح فينا ومعنا وبواسطتنا . وهذا كله يهم العذراء مريم ومن المفيد لنا جدا ان نضع هذه الأم في قلبنا وفي افكارنا واقوالنا واعمالنا .

وجميع القاب العذراء تتمحور حول ثلاث حقائق كبرى :

الكلية القداسة ................... ام الله ...................... الدائمة البتولية

ولايكفي التحدث الى مريم بل يجب ان تكون لنا الشجاعة لكي نتكلم عنها ايضا وان نفعل ذلك بقناعة وكامل المعرفة .
فاذا كان قلبنا مليئا بالمسيح يسوع فسيطيب لنا ان نتحدث عنه وان نعرفه ُ الى الذين يجهلونه . كذا الشأن مع مريم .
فاذا كنا نحبها لن نسكت عن ذكر اسمها ولن نتمكن من اخفاء المحبة التي نحملها .
وقبل كل شيء يجب ان تكون مريم في قلبنا والاتبتعد عنه قط . فقد قال يسوع :
(( احبوا بعظكم بعضا كما انا أحببتكم )) يوحنا 13/ 34 .
والكلمة المهمة هي (( كما )) أحب يسوع اعني الى مقياس لاقياس له . لقد احب اباه وامه ويريد ان نحب بعضنا بعضا .
لقد احب امه ويريد ان نحبها كما احبها هو . فالواجب يحتم علينا اذن ان نحب مريم وانها لعذوبة ان نحبها كما احبها يسوع اي كأبناء مخلصين . وان تكون مريم في قلبنا فهذا يعني ان يكون قلبنا مليئا بالجمال والحنان والقوة .
ان مريم سند يمكننا الاعتماد عليه بكل امان . انها دليل يمكننا الوثوق منه لاسيما في الساعات المظلمة . انها نموذج يحتذى بلذة . انها نجية امينة ومهذبة ممتازة . فنحن بحاجة الى ان نحب وان نكون محبوبين . وتمتاز مريم في توجيه قلبنا نحو المحبة الحقيقية . انها ملجأ لكل ضيق الضيق الناتج عن الخطيئة وعن اليأس وعن الألم وعن جميع مصائب القلب .
فمن واجبنا ان ندعو مريم في جميع احتياجاتنا للحصول على بركات الرب واكثر من ذلك ان نتضرع اليها من اجل الاخرين . انه فعل محبة كبيرة ان نصلي الى مريم لاجل العالم بأسره . فالناس ينتظرون شيئا اكثر من الخيرات الارضية انهم عطاش الى الله .
انه لحسن ان نصلي الى مريم ولكن الاحسن ان نصلي مع مريم وان يطيب لنا ان نتلو معها الفرض الالهي وان نشترك معها في الليتورجيا .
يجب ان يكون للعذراء مريم مكان مفضل في حياتنا كلها ليس في الصلاة حسب بل في الشغل ايضا وفي الدرس وفي العلاقات وفي الطعام وفي التسلية وحتى في النوم . ان لها مكانا خاصا في المصائب والمحن والاحزان والمرض والتجارب .
يروي لنا " سيز هسترباخ " من القرن الثالث عشر ان راهبا من ديره كان يعاني من تجربة قوية . وكان هذا الراهب يصلي الى المسيح دون ان تخف عنه وطأة التجربة . واذ ذاك قال ليسوع " يارب اذا لم تنقذني فاني سأشتكي منك الى امك " واذا بالتجربة تتلاشى على الفور .
ان تسليم كياننا تسليما كليا مع قوانا وقلبنا بين يدي العذراء وفي قلبها يجلب لنا النور والحماس والتفتح والفرح .
ان هذا هو التعليم الخاص بما ندعوه التعبد المقدس وهي ممارسة قديمة سلط الانوار عليها القديس" لويس ماري غرينيون دي مونفورت ". وليس لهذه الممارسة من العبودية سوى الاسم لانها في الحقيقة انطلاق وتحرر من انانيتنا ودخول الى حرية ابناء الله . وحينما يكون لمريم المكان الذي يريده الله لها في حياتنا الشخصية او حياة فرقة او جمعية فبامكاننا ان ننتظر المعجزات من ذلك . فحيثما تكون مريم هناك يعمل الروح القدس . واذ ذاك تتدفق البطولة ويتضاعف التواضع ويتحلى بالشهامة ويحقق المرء امورا عظيمة .
واذا عدنا الى الشرق نجد ان العذراء قد حظيت منذ القرون المسيحية الاولى باكرام فائق . وما اكثر الصفات التي كتبها عنها الادباء السريان منذ القرن الرابع . فهناك مار افرام الذي حاول في اناشيده الرائعة ان يلقي الاضواء على قداسة العذراء الفائقة وعلى قدرتها ومواقفها في سر الخلاص . وهناك يعقوب السروجي الذي دعي بحق " شاعر العذراء " لانه ابدع في وصفها واطراء مناقبها وافضالها .
ومازال المسيحيون في البلدان الشرقية مغرمين بمحبة امهم العذراء مريم . فأنهم يتلون سبحتها ويطلبون شفاعتها ويقيمون تساعيات عديدة لااكرامها وطلب عونها .

كل شيء ليسوع بواسطة مريم

وكل شيء لمريم لأجل يسوع

--------------------------------------
من كتاب العذراء مريم
( خواطر في الروحانية المريمية )
تأليف برنارد مارتلي 1983
تعريب الأب البير ابونا 1985