النوفلي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» صلاة صباح عيد ختان الرب 2023
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالسبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz

» رمش عيد ختان الرب 2022
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» الجمعة الرابعة من السوبارا
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz

» شبح لالاها معشنان
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz

» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz

» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الكنيسة والهوية المسيحية Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات
التبادل الاعلاني
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات


الكنيسة والهوية المسيحية

اذهب الى الأسفل

الكنيسة والهوية المسيحية Empty الكنيسة والهوية المسيحية

مُساهمة  vivian الجمعة يوليو 19, 2013 1:30 pm

الكنيسة والهوية المسيحية
تطلع علينا بين الفينة والأخرى أصواتٌ تنتقد الكنيسة ورجالَها، أو نقرالكنيسة والهوية المسيحية
تطلع علينا بين الفينة والأخرى أصواتٌ تنتقد الكنيسة ورجالَها، أو نقرأ في مواقع ومنشورات آراءً تتفاوت في تأييدها أو امتعاضها من سلوكيات أو ممارسات تصدر هنا وهناك، سواءً مِن ذواتٍ كرّسوا أنفسهم لأداء رسالة راعوية أو مِن أشخاص يدّعون قربهم من الكنيسة ودوائرها ونيلِ دعم منها. وفي كلّ هذا وذاك، نتطلّع جميعًا أن تبقى هذه المؤسسة رصينة، متعافية، قوية وصامدة بوجه الأمواج العاتية والتيارات الشديدة الانحدار كي تثبت أنها مبنية على صخرة الإيمان القويم، الصخرة البطرسية كما أرادها المسيح مؤسِسُها، حينما خاطب بطرس هامة الرسل: "أنتَ الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها".

الكنيسة مؤسسة
مفهوم الكنيسة، هي أنها مؤسسة دينية تحرص على تقريب البشر من الله عبر طقوس للصلاة و إرشاد المؤمنين إلى طريق الهداية والمحبة والملكوت، إضافةً إلى تلبية حاجاتهم الروحية الأخرى من تقبّل أسرار وتكافل في الحياة وتطبيق كلام المسيح، مؤسس هذه الكنيسة على الأرض. وبعبارة أخرى، هي الكفيل أو بالأحرى هي الموجّه للمؤمنين نحو طريق السماء، المنزل الآخر للإنسان بعد انقضاء مأموريته معدودة الأيام والسنوات على الفانية، أرض الشقاء!
والكنيسة ليست مجرّد بناء من حجر وطابوق واسمنت وزخارف وديكورات ورسوم وصور مجرَّدة لا تنطق. فالتاريخ يُحدّثنا عن بيع أبنية كنسية وعقارات وممتلكات عائدة لها من أجل تأمين حياة مؤمنين أو تفادي كوارث إنسانية ومجاعات, فالحجر يمكن تعويضُه، أمّا البشر والروح فلا. من هنا تكون هذه المؤسسة المهمة، حياةً وأداةَ انسجام للمؤمن مع ما يرضي خالقه ووطنه وأسرته وقريبه. أي، هي الطرف المساعد لمؤمنيها لعيش حياة منسجمة في المكان والزمان، وفي الوطن وحيثما يتواجدون مع غيرهم، المختلفين أو المؤتلفين في الدين أو المذهب أو القومية أو الوطنية، وما سواها من أدوات تشابه أو اختلاف.
والكنيسة ليست فردًا معينًا بشخص الكاهن أو الأسقف أو رئيسها الأعلى، مهما كانت مرتبتُه ودرجتُه. بلْ هي أنا وأنتَ وأنتِ ونحن جميعًا الذين نتقرّب من مذبح الرب وننهل الراحة والطمأنينة عند أقدام يسوع ومريم وسائر القديسين والشهداء، حين نطلبُ عونهم وشفاعتهم في المحن والنكبات والمصائب، أو حين نطلب راحة الفكر والنفْس والجسد على السواء، وحين نختلي بأنفسنا لأخذ النَفَس وفحص الضمير ومراجعة حياة. ومن ضمن واجباتها، وهي كثيرة، حثّ المؤمنين للتعايش والعيش الوطني المشترك واحترام نظام الدولة مع الإبقاء على حسن الجوار مع كافة المجتمعات دون تمييز. وهي المسؤولة أيضًا عن توعية شاملة، ليس لرعاياها فحسب، بل كلّما تسنّت الفرصة وحضرت المناسبة، نحو مجمل أفراد المجتمعات الأخرى التي تتقاسم مع المسيحيين حلو الحياة اليومية ومرّها. وبهذه السمة، تثبت الكنيسة للمجتمع ككلّ، رعايتَها الأبوية ومساهمتها الوطنية في بناء مجتمع متكافلٍ متآخٍ ومنسجم يجتمع على أهداف وطنية وأسسٍ إنسانية متفق عليها بالإجماع بين سائر الأديان والمكوّنات. ألمْ يستخدم "غبطة البطريرك ساكو" هذه السمة الإيجابية القوية النابعة عن روحية المسيحية في مبادرة وطنية لجمع الساسة الفرقاء، وقد أثمرت وحثت غيره لتكرار التجربة حين تلتها مبادرات لاحقة حلحلت الوضع المتأزّم آنذاك؟
إذن، كلُّ هذا ليس فقط جزءًا من الرسالة والشهادة التي تتوجب على كلّ مسيحي أن يقوم أو يدلي بها، بل فيها واجبٌ على جميع الرعاة المؤتمنين على رعاياهم، أن يساهموا من جانبهم بشيء من التوعية الشاملة بخصائل المسيحية وفعّاليتها وسط مجتمعاتهم وأوطانهم وبلداتهم ومواقعهم. وتبقى عملية التثقيف المتلازمة هذه، للشهادة المسيحية اليومية، والمتمثلة بالكنائس والرئاسات المختلفة، من الضرورات التي يستوجب توجيهها نحو هدف ترسيخ هويتها المنفتحة على الغير بكل جوانبها الدينية والقومية والاجتماعية والتاريخية والتراثية. وهنا، لا يمكن الإنكار أن الفعل تجاه الوجود المسيحي وهويته وكيانه قويٌّ ويتطلّب الكثير من التحدّي وردّ الفعل، وليس الخنوع والقبول بالأمر الواقع. فمن يسكتْ عن حقّ وهو يُغتصب، شيطانٌ أخرس ولا يستحق أن يكون في مواقع المسؤولية عن الرعية، أية كانت هويتُها.

عمل الكنيسة والرعاة
لكون الكنيسة، لا يمكنها أن ترقى إلى مهمّتها السامية ورسالتها الخلاصيّة إلاّ من خلال سموّها هي ورجالها على أية مصالح مغرضة أو شخصية أو ضيقة الأفق أو أعمال غير سويّة أو شائنة لا سمح الله. لذا ينبغي لها تفعيل مهامّها الكثيرة والعديدة، كي تتمكن بالتالي مِن جمع أبنائها جميعًا حول هذه الرسالة، تمامًا "كما تجمع الدجاجة فراخَها تحت جناحيها"، فيشعروا بالدفء الأبوي والحنان الأمومي والأمان الاجتماعي كلّما شعروا بفقدانه. وهذا من أبسط مهام الرعاة في رعاياهم. فالراعي الحقيقي، هو مَن يسرح بخرافه في مرابع خصبة لأجل تغذيتها بطعامٍ صالح ومِن حقلٍ طيّبٍ فيه تتلقى أسمى تنشئة وتتلمذ بواسطتها للمسيح الذي دعاهم ليكونوا أبناء الله، روحًا وجسدًا وإيمانًا وحبًا ورجاءً. ومن هنا كما يقول غبطة البطريرك ساكو في رسالته الرعوية الأخيرة عن الرعية صورة الراعي: "الراعي هو الأب لأبناء رعيته وهو المسؤول عنهم، يعيش في سبيلهم ويوظف كل إمكانيته من أجل بنيانهم ونموهم وسعادتهم وخيرهم". من هنا يكون الكاهن هو الحارس الأمين الموكَّل على حياة أبناء الرعية، ليس الروحية فحسب، بل الاجتماعية والتربوية والتثقيفية، والعائلية ايضًا.
وعليه فالكهنوت بمعنى آخر، ليس مجرّد وظيفة يمتهنها إنسانٌ ما لمجرّد الرغبة بارتقاء هذه الدرجة أو التسلّل إليها بغير دراية ومن دون أهليةٍ وتأهيل أو على سبيل الموضة والوجاهة. بل إنه أرفع من ذلك بكثير. فهو منزلة ملوكية في السماء والأرض، على "رتبة الكاهن الأكبر ملكيصاداق" الرفيعة التي تحدث بها الكتاب المقدس. وهو أيضًا "رسالة وحياة تأخذ كل مشاعر الكاهن، قلبه ووقته وحياته"، كما أشار البطريرك ساكو في الرسالة المذكورة أعلاه. وكي تكون رسالتُه مثمرة ويكون صادقًا في رسالته مع نفسه ومع الله ومع الرعية، لا بدّ أن يدخل إلى عمق الحياة اليومية لأبناء رعيته. أي بمعنى آخر، أن يكون تواجده وسطهم، بمثابة "قوة إيجابية" في متابعة شؤونهم الروحية والزمنية على السواء. وإذا ما استطاع نقل بشرى الفرح والرجاء والمحبة والإيمان والسكينة الروحية إلى نفوسهم، يكون قد أثبت جدارتَه الكهنوتية وقدوتَه للمسيح في محبة البشر، كلّ البشر، ومنهم أبناء رعيته على وجه الخصوص. فالذي أتعبته عوادي الزمن الغادر، وقهرته الظروف الصعبة، وقاده الخوف واليأس وفقدان الأمان، لاسيّما في ظروفٍ كظروف بلدنا،  يكفيه كلمةٌ طيبة من راعيه يدعوه فيها للارتياح أمام أقدام الصليب وعند أيقونة العذراء الحنون، فيسمع صوتًا يناديه " تعالوا إليّ يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم، فإن حملي خفيف ونيري طيّب". أمام مثل هذا الوعد الصادق والصريح مِن رسول المحبة والسلام وفادي البشر، فهل يتردّد مَن فقد الثقة بكلّ شيء بالإنصات لصوت الراعي الصالح؟


المسيحية هوية شاملة
لا يمكن القبول أن تُحشر الهوية المسيحية بالطائفية أو بطوائف. فهي أسمى من ذلك بكثير. هي رسالة وشهادة، وهي عملٌ جماعيٌّ مثمر و"خميرة" مؤثرة وإيجابية وسط المجتمع، على اختلاف نشأته وتلاوينه وثقافته. ومن ثمّ، فإنّ القول بالطوائف حين وصف المسيحية وكنائسها المتعددة الطقوس والواحدة بالإيمان، إنّما يعني حشرها في عنق زجاجة يصعبُ معها الخروج منها. بل إن هذا الوصف تقزيمٌ لدورها الرسولي الشامل ويُرادُ به حصرها بمفهوم طائفيٍّ ضيّق لا تختلف فيه عن سائر المكوّنات التي تدّعي الأحقية والأغلبية والأكثرية والأولوية على غيرها في كلّ شيء. وبمعنى آخر، هذا المفهوم يُدخلها في صراعٍ طائفي يتمّ بسببه عزل المسيحيين في جانبٍ أكثر منه سياسيّ، ولا ينسجم مع الرسالة التي تحملها المسيحية وكنيسة المسيح الجامعة والواحدة. فالروح فيها واحدٌ والراس واحدٌ والهدف واضحٌ، مهما اختلفت في المرجعية أو وسيلة الصلاة وأداء الرسالة. وحين تصبح الديانة، أية ديانة، محصورة بمفهوم طائفي، فذلك يعني انغلاقُها على ذاتها وحصر رسالتها وشهادتها ووقوعها في حبائل الخصام والاختلاف والخلاف مع غيرها. وهذا ليس من صميم المسيحية، التي أنشأها المسيح شاملة على صخرة إيمانية صلدة تجمع البشر جميعًا حول كنيسة واحدة شاملة منفتحة. وأمنية الجميع أن تعود واحدة تحت راية راعٍ واحد "كونوا واحدًا، كما أني أنا والآب واحد".
ومن هنا لابدّ أن تشكل المسيحية، أيًا كانت هويتُها الطقسية وتابعيتُها المرجعية، وحدةً متكاملةً بين مؤمنيها وتتعامل مع جميع مكوّنات المجتمع. أمّا التقسيم الذي رسمته لها روزنامات الجهات المغرضة، ومنها الغربية والصهيونية والأمريكية خلف الكواليس، فهدفُها واضح لا يقبل اللبس. وهذا الأخير يتمثل بدق الأسفين بين الكنائس المختلفة وجعلها تنساق إلى صراعٍ بين الطوائف المتعايشة مستهدفةً فسخٍ الآصرة التي تجمع هذه الكنائس وجرّها إلى فتنة شبيهة بالتي هي قائمة في هذه الأيام، ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة التي تغلي بسبب الفتنة الطائفية التي خلقتها هذه الدول بمساعدة بعض الأنظمة التي تنفذ تلك الأجندات المشبوهة. ولعلّ مِن أكثر الأهداف تنفيذًا والنتائج المنظورة وممّا أتى بثماره منذ تقرير الدول الكبرى صانعة القرارات الدولية تغيير الخارطة السياسية للمنطقة، يتمثل بموجات الهجرة المتتالية والمستمرّة التي طالت المسيحيين وسائر المكوّنات قليلة العدد "الأقليات" لإفراغ الشرق العربي منهم وفق برنامج منهجي مخطَّط له برويةٍ وحكمةٍ في مطابخ الغرب الذي لا يهمّه سوى الدولار وأرباحُه قبل كلّ شيء!

لويس إقليمس
18 تموز 2013
أ في مواقع ومنشورات آراءً تتفاوت في تأييدها أو امتعاضها من سلوكيات أو ممارسات تصدر هنا وهناك، سواءً مِن ذواتٍ كرّسوا أنفسهم لأداء رسالة راعوية أو مِن أشخاص يدّعون قربهم من الكنيسة ودوائرها ونيلِ دعم منها. وفي كلّ هذا وذاك، نتطلّع جميعًا أن تبقى هذه المؤسسة رصينة، متعافية، قوية وصامدة بوجه الأمواج العاتية والتيارات الشديدة الانحدار كي تثبت أنها مبنية على صخرة الإيمان القويم، الصخرة البطرسية كما أرادها المسيح مؤسِسُها، حينما خاطب بطرس هامة الرسل: "أنتَ الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها".

الكنيسة مؤسسة
مفهوم الكنيسة، هي أنها مؤسسة دينية تحرص على تقريب البشر من الله عبر طقوس للصلاة و إرشاد المؤمنين إلى طريق الهداية والمحبة والملكوت، إضافةً إلى تلبية حاجاتهم الروحية الأخرى من تقبّل أسرار وتكافل في الحياة وتطبيق كلام المسيح، مؤسس هذه الكنيسة على الأرض. وبعبارة أخرى، هي الكفيل أو بالأحرى هي الموجّه للمؤمنين نحو طريق السماء، المنزل الآخر للإنسان بعد انقضاء مأموريته معدودة الأيام والسنوات على الفانية، أرض الشقاء!
والكنيسة ليست مجرّد بناء من حجر وطابوق واسمنت وزخارف وديكورات ورسوم وصور مجرَّدة لا تنطق. فالتاريخ يُحدّثنا عن بيع أبنية كنسية وعقارات وممتلكات عائدة لها من أجل تأمين حياة مؤمنين أو تفادي كوارث إنسانية ومجاعات, فالحجر يمكن تعويضُه، أمّا البشر والروح فلا. من هنا تكون هذه المؤسسة المهمة، حياةً وأداةَ انسجام للمؤمن مع ما يرضي خالقه ووطنه وأسرته وقريبه. أي، هي الطرف المساعد لمؤمنيها لعيش حياة منسجمة في المكان والزمان، وفي الوطن وحيثما يتواجدون مع غيرهم، المختلفين أو المؤتلفين في الدين أو المذهب أو القومية أو الوطنية، وما سواها من أدوات تشابه أو اختلاف.
والكنيسة ليست فردًا معينًا بشخص الكاهن أو الأسقف أو رئيسها الأعلى، مهما كانت مرتبتُه ودرجتُه. بلْ هي أنا وأنتَ وأنتِ ونحن جميعًا الذين نتقرّب من مذبح الرب وننهل الراحة والطمأنينة عند أقدام يسوع ومريم وسائر القديسين والشهداء، حين نطلبُ عونهم وشفاعتهم في المحن والنكبات والمصائب، أو حين نطلب راحة الفكر والنفْس والجسد على السواء، وحين نختلي بأنفسنا لأخذ النَفَس وفحص الضمير ومراجعة حياة. ومن ضمن واجباتها، وهي كثيرة، حثّ المؤمنين للتعايش والعيش الوطني المشترك واحترام نظام الدولة مع الإبقاء على حسن الجوار مع كافة المجتمعات دون تمييز. وهي المسؤولة أيضًا عن توعية شاملة، ليس لرعاياها فحسب، بل كلّما تسنّت الفرصة وحضرت المناسبة، نحو مجمل أفراد المجتمعات الأخرى التي تتقاسم مع المسيحيين حلو الحياة اليومية ومرّها. وبهذه السمة، تثبت الكنيسة للمجتمع ككلّ، رعايتَها الأبوية ومساهمتها الوطنية في بناء مجتمع متكافلٍ متآخٍ ومنسجم يجتمع على أهداف وطنية وأسسٍ إنسانية متفق عليها بالإجماع بين سائر الأديان والمكوّنات. ألمْ يستخدم "غبطة البطريرك ساكو" هذه السمة الإيجابية القوية النابعة عن روحية المسيحية في مبادرة وطنية لجمع الساسة الفرقاء، وقد أثمرت وحثت غيره لتكرار التجربة حين تلتها مبادرات لاحقة حلحلت الوضع المتأزّم آنذاك؟
إذن، كلُّ هذا ليس فقط جزءًا من الرسالة والشهادة التي تتوجب على كلّ مسيحي أن يقوم أو يدلي بها، بل فيها واجبٌ على جميع الرعاة المؤتمنين على رعاياهم، أن يساهموا من جانبهم بشيء من التوعية الشاملة بخصائل المسيحية وفعّاليتها وسط مجتمعاتهم وأوطانهم وبلداتهم ومواقعهم. وتبقى عملية التثقيف المتلازمة هذه، للشهادة المسيحية اليومية، والمتمثلة بالكنائس والرئاسات المختلفة، من الضرورات التي يستوجب توجيهها نحو هدف ترسيخ هويتها المنفتحة على الغير بكل جوانبها الدينية والقومية والاجتماعية والتاريخية والتراثية. وهنا، لا يمكن الإنكار أن الفعل تجاه الوجود المسيحي وهويته وكيانه قويٌّ ويتطلّب الكثير من التحدّي وردّ الفعل، وليس الخنوع والقبول بالأمر الواقع. فمن يسكتْ عن حقّ وهو يُغتصب، شيطانٌ أخرس ولا يستحق أن يكون في مواقع المسؤولية عن الرعية، أية كانت هويتُها.

عمل الكنيسة والرعاة
لكون الكنيسة، لا يمكنها أن ترقى إلى مهمّتها السامية ورسالتها الخلاصيّة إلاّ من خلال سموّها هي ورجالها على أية مصالح مغرضة أو شخصية أو ضيقة الأفق أو أعمال غير سويّة أو شائنة لا سمح الله. لذا ينبغي لها تفعيل مهامّها الكثيرة والعديدة، كي تتمكن بالتالي مِن جمع أبنائها جميعًا حول هذه الرسالة، تمامًا "كما تجمع الدجاجة فراخَها تحت جناحيها"، فيشعروا بالدفء الأبوي والحنان الأمومي والأمان الاجتماعي كلّما شعروا بفقدانه. وهذا من أبسط مهام الرعاة في رعاياهم. فالراعي الحقيقي، هو مَن يسرح بخرافه في مرابع خصبة لأجل تغذيتها بطعامٍ صالح ومِن حقلٍ طيّبٍ فيه تتلقى أسمى تنشئة وتتلمذ بواسطتها للمسيح الذي دعاهم ليكونوا أبناء الله، روحًا وجسدًا وإيمانًا وحبًا ورجاءً. ومن هنا كما يقول غبطة البطريرك ساكو في رسالته الرعوية الأخيرة عن الرعية صورة الراعي: "الراعي هو الأب لأبناء رعيته وهو المسؤول عنهم، يعيش في سبيلهم ويوظف كل إمكانيته من أجل بنيانهم ونموهم وسعادتهم وخيرهم". من هنا يكون الكاهن هو الحارس الأمين الموكَّل على حياة أبناء الرعية، ليس الروحية فحسب، بل الاجتماعية والتربوية والتثقيفية، والعائلية ايضًا.
وعليه فالكهنوت بمعنى آخر، ليس مجرّد وظيفة يمتهنها إنسانٌ ما لمجرّد الرغبة بارتقاء هذه الدرجة أو التسلّل إليها بغير دراية ومن دون أهليةٍ وتأهيل أو على سبيل الموضة والوجاهة. بل إنه أرفع من ذلك بكثير. فهو منزلة ملوكية في السماء والأرض، على "رتبة الكاهن الأكبر ملكيصاداق" الرفيعة التي تحدث بها الكتاب المقدس. وهو أيضًا "رسالة وحياة تأخذ كل مشاعر الكاهن، قلبه ووقته وحياته"، كما أشار البطريرك ساكو في الرسالة المذكورة أعلاه. وكي تكون رسالتُه مثمرة ويكون صادقًا في رسالته مع نفسه ومع الله ومع الرعية، لا بدّ أن يدخل إلى عمق الحياة اليومية لأبناء رعيته. أي بمعنى آخر، أن يكون تواجده وسطهم، بمثابة "قوة إيجابية" في متابعة شؤونهم الروحية والزمنية على السواء. وإذا ما استطاع نقل بشرى الفرح والرجاء والمحبة والإيمان والسكينة الروحية إلى نفوسهم، يكون قد أثبت جدارتَه الكهنوتية وقدوتَه للمسيح في محبة البشر، كلّ البشر، ومنهم أبناء رعيته على وجه الخصوص. فالذي أتعبته عوادي الزمن الغادر، وقهرته الظروف الصعبة، وقاده الخوف واليأس وفقدان الأمان، لاسيّما في ظروفٍ كظروف بلدنا،  يكفيه كلمةٌ طيبة من راعيه يدعوه فيها للارتياح أمام أقدام الصليب وعند أيقونة العذراء الحنون، فيسمع صوتًا يناديه " تعالوا إليّ يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم، فإن حملي خفيف ونيري طيّب". أمام مثل هذا الوعد الصادق والصريح مِن رسول المحبة والسلام وفادي البشر، فهل يتردّد مَن فقد الثقة بكلّ شيء بالإنصات لصوت الراعي الصالح؟


المسيحية هوية شاملة
لا يمكن القبول أن تُحشر الهوية المسيحية بالطائفية أو بطوائف. فهي أسمى من ذلك بكثير. هي رسالة وشهادة، وهي عملٌ جماعيٌّ مثمر و"خميرة" مؤثرة وإيجابية وسط المجتمع، على اختلاف نشأته وتلاوينه وثقافته. ومن ثمّ، فإنّ القول بالطوائف حين وصف المسيحية وكنائسها المتعددة الطقوس والواحدة بالإيمان، إنّما يعني حشرها في عنق زجاجة يصعبُ معها الخروج منها. بل إن هذا الوصف تقزيمٌ لدورها الرسولي الشامل ويُرادُ به حصرها بمفهوم طائفيٍّ ضيّق لا تختلف فيه عن سائر المكوّنات التي تدّعي الأحقية والأغلبية والأكثرية والأولوية على غيرها في كلّ شيء. وبمعنى آخر، هذا المفهوم يُدخلها في صراعٍ طائفي يتمّ بسببه عزل المسيحيين في جانبٍ أكثر منه سياسيّ، ولا ينسجم مع الرسالة التي تحملها المسيحية وكنيسة المسيح الجامعة والواحدة. فالروح فيها واحدٌ والراس واحدٌ والهدف واضحٌ، مهما اختلفت في المرجعية أو وسيلة الصلاة وأداء الرسالة. وحين تصبح الديانة، أية ديانة، محصورة بمفهوم طائفي، فذلك يعني انغلاقُها على ذاتها وحصر رسالتها وشهادتها ووقوعها في حبائل الخصام والاختلاف والخلاف مع غيرها. وهذا ليس من صميم المسيحية، التي أنشأها المسيح شاملة على صخرة إيمانية صلدة تجمع البشر جميعًا حول كنيسة واحدة شاملة منفتحة. وأمنية الجميع أن تعود واحدة تحت راية راعٍ واحد "كونوا واحدًا، كما أني أنا والآب واحد".
ومن هنا لابدّ أن تشكل المسيحية، أيًا كانت هويتُها الطقسية وتابعيتُها المرجعية، وحدةً متكاملةً بين مؤمنيها وتتعامل مع جميع مكوّنات المجتمع. أمّا التقسيم الذي رسمته لها روزنامات الجهات المغرضة، ومنها الغربية والصهيونية والأمريكية خلف الكواليس، فهدفُها واضح لا يقبل اللبس. وهذا الأخير يتمثل بدق الأسفين بين الكنائس المختلفة وجعلها تنساق إلى صراعٍ بين الطوائف المتعايشة مستهدفةً فسخٍ الآصرة التي تجمع هذه الكنائس وجرّها إلى فتنة شبيهة بالتي هي قائمة في هذه الأيام، ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة التي تغلي بسبب الفتنة الطائفية التي خلقتها هذه الدول بمساعدة بعض الأنظمة التي تنفذ تلك الأجندات المشبوهة. ولعلّ مِن أكثر الأهداف تنفيذًا والنتائج المنظورة وممّا أتى بثماره منذ تقرير الدول الكبرى صانعة القرارات الدولية تغيير الخارطة السياسية للمنطقة، يتمثل بموجات الهجرة المتتالية والمستمرّة التي طالت المسيحيين وسائر المكوّنات قليلة العدد "الأقليات" لإفراغ الشرق العربي منهم وفق برنامج منهجي مخطَّط له برويةٍ وحكمةٍ في مطابخ الغرب الذي لا يهمّه سوى الدولار وأرباحُه قبل كلّ شيء!


لويس إقليمس
18 تموز 2013
vivian
vivian

عدد الرسائل : 201
تاريخ التسجيل : 11/01/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى