النوفلي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» صلاة صباح عيد ختان الرب 2023
الذي في السموات Emptyالسبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz

» رمش عيد ختان الرب 2022
الذي في السموات Emptyالخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» الجمعة الرابعة من السوبارا
الذي في السموات Emptyالأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا
الذي في السموات Emptyالخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz

» شبح لالاها معشنان
الذي في السموات Emptyالثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz

» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الذي في السموات Emptyالجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz

» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الذي في السموات Emptyالخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz

» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الذي في السموات Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz

» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الذي في السموات Emptyالأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات
التبادل الاعلاني
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط النوفلي على موقع حفض الصفحات


الذي في السموات

اذهب الى الأسفل

الذي في السموات Empty الذي في السموات

مُساهمة  طلال فؤاد حنوكة ايشوعي الخميس يناير 27, 2011 8:55 pm

كما عَلَتِ السماوات عن الأرض،

كذلك علت طرقي عن طرقكم، وأفكاري عن أفكاركم" (أشعيا9:55).

تختلف الصلاة المسيحية جوهريّاً عن الصّلاة الوثنية، الصّلاة الطبيعية،

اختلاف العماد المسيحي عن العماد اليهودي.

لم يكن العماد اليهودي إلا رمزاً، وطقساً، وإشارة، ومقدِّمة للتنقية.

بيد أن العماد المسيحي ينقّي بفاعليّة تنحدر من فوق، بقوّة إلهيّة صرفة.

وهكذا الصلاة التي وضعها المسيح، إنها تنحدر من علُ - إنها عمل الله.

"إلى الآن لم تسألوا باسمي شيئاً" (يوحنا24:16).

"الحقّ الحقّ أقول لكم: إن كلّ ما تسألون الآب باسمي، يعطيكموه" (يوحنا23:16) ،

المسيح قال ذلك لرسله، لكي يُظهر الفرق الشاسع، الكامل، بين الصَّلاتَين.

فهناك صَلاتان، وديانتان متميّزتان الواحدة عن الأخرى؛

ولكني أعتقد أن الكثيرين من المسيحيين يتلُون الصلاة الفائقة الطبيعة بروح الديانة الطبيعية.

تقوم الديانة الوثنية، جوهرياً، بما يعمله الإنسان لأجل الله.

فالله، بحسب هذه الديانة، هو المركَز السعيد والثابت لجهودنا كلّها.

البشريّة المسكينة تحبو إلى الله حَبْواً لتختلس قليلاً من نوره وحرارته.

ولا ينال الأرَب إلا الماهرين وحدهم، الأكثر ذكاء والأشدّ قوّة.

ففي هذه الديانة شيء من العظمة،

من حيث أنها الجهد اليائس الذي يبذله الإنسان في سبيل البحث عن الله.

غير أنّها ديانة أليمة، فقيرة، شاقّة، نادرة، وهي،

شأنها شأن كل عمل بشريّ، تمزج النبل بالعار، والسخاء بالحساب، والحب بالقساوة.

أمّا الديانة الفائقة الطبيعة، فلا تقوم على الأشياء التافهة،

الشحيحة، الحزينة التي نفعلها لأجل الله،

فهناك عجائب السماحة، والمحبة، والمغفرة التي يصنعها الله لأجْلنا،

فاستناداً إلى هذه القيم، الديانة الطبيعية هي على جانب من الحق، وعليه يقوم أساس ديننا.

إنكم على حقّ عندما تبحثون عن الله، وتحبونه وتريدونه.

ولكنكم على صواب أكثر بكثير مما تظنون،

لأن الله أفضل بما لا نهاية له ممّا كنتم تحسبون.

إن الله عطوف لدرجة أنه هو الذي أتى إلينا، من تلقاء نفسه،

لدرجة أنّه هو الذي يبحث عنا، ويحبنا، ويعطينا ذاته.

نحن، المسيحيين، لسنا أفضل من الآخرين، ولكن إلهنا أفضل منا.

الدين الحقيقي، هو الاندهاش والانخطاف أمام العظائم

التي يصنعها الله بالرغم من صغارة وحقارة خُدّامه.

الله قد أعطانا أن نعرفه، ونحبه، ونصلّيَ إليه.

إننا ننسى باستمرار أن مسيحيتنا لا تقوم على حبنا لله:

نحن مسيحيون لأنّا نؤمن بمحبة الله لنا.

القديسون هم أولئك الذين يؤمنون بأن الله يحبهم.

"نحن قد عرفنا وآمنّا بالمحبة التي عند الله لنا" (يوحنا الأولى 16:4).

إن هذا لَقاسٍ لأنه من المُذِلّ أن نكون محبوبين ونحن لا نستحق المحبة.

وانه لَمِن الصعوبة بمكان، أن نؤمن بشيء يستحيل شرحه؛

ومع ذلك، يجب علينا ألا نبحث عن الشرح.

ألْف حُجّة لا تكوّن شيئاً واضحاً، ولكن، عندما يتحابّ اثنان

فإن ألف اعتراض لا تؤلّف شكّاً لديهما.

الصلاة الوثنية، هي جنون، إنها تكُون نوعاً من التجديف

لو لم تكن إشارة، وبشارة، وشعوراً مسبقاً بأن الله سيأتي ليملأ الفراغ ويستجيب.

إن الصلاة الوثنية تدّعي إعلام الله بوضع لا يعيره من الاهتمام ما يستحق.

وهي، فوق ذلك، تتوخّى أن تستحثّ إلهاً غافياً ،

وتهزّ إلهاً لا مبالياً، وتحسّن إلهاً ناقصاً.

أَجَلْ، إنها تحسّنه بحسب زعمنا.

كلّ منّا يعرف جيّداً ما كان يفعل فيما لو كان إلهاً.

أو لكل واحد منا خطّة أو، على الأقلّ، فكرة يعرضها على الله

لو كان، تعالى، مستعدّاً لأن ينصاع للحق.

فليس لنا ثقة على الإطلاق في أفكار الله.

فَمَن منّا، في أعماق أعماقه، لا يزعم أنه، لو كان إلهاً،

لكان يهتمّ بمصيرنا اهتماماً أفضل،

ولكانت الأمور تسير أحسن مما تسير عليه الآن، وبتنظيم أفضل،

ولكنّا نتصرّف بشكل أتمّ ممّا هو الآن؟

"يا ربّ، اصنع الآن لأجل فلان ما كان فلان يصنعه لأجْلك

لو كنت أنت فلاناً وكان فلان إلهاً".

أَفَلَمْ نحمل في قرارة قلبنا، ولو مرّة، ذلك التجديف عينه، ولو غير معبَّر عنه؟

مَن الذي لم تنتَبْه الرغبة المِلحّة في أن يحمّي قليلاً قلب الله؟..

ويحرّك جموده؟.. ويوجّه نشاطه قليلاً ؟.. ويبلبل عليه سكينته ؟..

الصلاة الربّية، تلك التي من شأنها

أن تعكس ما في مطاوي قلبنا من الاستعداد الأكثر خفاء وفطريّة،

أليست في سرّنا على هذه الصورة:

اقبَعْ في سماواتك، يا أبانا، وليكن اسمي أنا مقدّساً

(مَن الذي لا يتمنّى أن يكون اسمه أكثر شهرة، ومعروفاً من أكثر الناس،

أو، على الأقلّ ، اسم أُسْرته أو ديره أو رهبانيته)،

لِيأْتِ ملكوتنا، (وَلْتنتشِر أخوّياتنا،

وليفهم الناس أن فيها تجدّداً يبشّر بالخير، ومن الخطأ ألاّ ينضمّوا إليها؛

وليُصبح معلوماً كلّما يُعمَل داخلها من خير، الخ...)،

وعلى الأخصّ فلتكن مشيئتنا،

(نحن نجهل ما تخبئ لنا مشيئتك، يا الله، أما مشيئتنا، فنحن مرتاحون إليها).

واغفر لنا ذنوبنا كما نحن... وأنت يا الله، حاوِلْ أن تكون أقلّ حقداً منّا؛

أنظر إلى ما نحن عليه من النبل والعطف وراء مظاهرنا الفظّة،

وحاوِلْ قليلاً أن تعمل مثلنا.

ابذل جهداً، وحاوِل أن تكون عطوفاً بقدْر ما نحن عليه من العطف.

إن عبادة الأصنام ليست موضوع وعظ عامّ لعشرين قرناً خَلَتْ،

إنها غواية مستمرّة، وسلعة تجارية رائجة، وإنتاج يوميّ.

وصلواتنا هي مخادِعة، مضلِّلة.

إنها تحاول أن تضع الله في خدمتنا.

والخدمة الكبرى التي سيؤدّيها الله لنا، هي أن نتمكن من الاستغناء عنه يوماً ما.

بالنسبة إلى الكثيرين، الله هو الإله- الصيدليّة (هو حقيبة الإسعاف، مع الأدوية العاجلة.

ولكن عندما تكون الراحة متوفرة، فهذه الحقيبة لا تُفتَح أبداً)،

أو الإله - المِظَلّة (التي لا نستعملها إلّا في آخر دقيقة، مع الأمل بأنّا لن نضطّر إلى ذلك)،

أو الإله- الإطفائيّة ("إبّان الحريق حطّم الزجاج"،

وبعد إخماد الحريق نرجعه إلى مكانه، ونضع زجاجاً جديدا)،

أخيراً، الله مفيد جدّاً لنا في بعض الأحيان إذ يكون أداة للمآتم الفخمة.

فوقت الدفن، يدور حديث القوم فجأة حول الله، والسماء...

"سأصليّ من أجلك" "إن فلاناً هو في السماء"، "لقد أخذه الله إلى جواره".

وما هي إلاّ ساعة وتنقضي، حتى نبعد عنا بانتصار هذه الأفكار السوداء.

لأنّه، إن كان على الله أن يقدّسنا، ويصلحنا، ويصوننا،

وان كان هو العامل والأداة لبنياننا الأدبيّ

فعند اكتمال البنيان يصبح طبيعيّاً بدون جدوى.

وهنا يكمن الأمل غير المعبَّر عنه، للكثير من صلواتنا.

"أعطني، يا ربّ، ما أبتغي، ولن أُقلق سكينتك من الآن فصاعداً" -

"أعطني، يا ربّ، ما يخصّني من الإرث، وسأذهب عنك بعيداً".

السواد الأعظم من الذين يعترفون،

يفعلون ذلك خاصّة لكي لا يلزمهم الاعتراف مجدَّداً في المستقبل.

ويتمسّك تلاميذي بالحجّة التالية: الاعتراف، إما أنه لا يفيد شيئاً فأستغني إذَن عنه،

وإما أنه يفيد لبعض الشيء، ومن الواجب إذن ألاّ أسقط في خطاياي من جديد.

"لقد صلّيت كثيراً، واعترفت مراراً، ومع ذلك فإني لا أزال أخطئ.

إنّ هذا لا يفيد شيئاً، ولن أصلّي أبداً".

فَمَن مِنّا لم يَقُل ذلك في سرّه؟.. ولكن، من المؤكِّد،

أن الله لم يَعِدنا بأننا لن نعود نخطئ من جديد (لئلاّ تُعْوِزه غبطة المغفرة).

إن الله قد وعد بأن يغفر لنا دائماً.

"اذهبوا وبشّروا بأنّ الخطايا تُغفَر".

فهذه هي البشارة السارّة: الخطايا ليست مُلغاة، بل مغفورة.

سنرتكب بعدُ خطايا كثيرة، وسيضرب الله عنها صفحاً.

ولكثرة ما يغفر لنا الله، نتعلّم قدْراً كبيراً من المحبة.

فالذي يسامَح قليلاً يحِبّ قليلاً.

الاعتراف ليس من شأنه، بالدرجة الأولى، أن يؤمّن عصمتنا الأدبيّة،

أنّه يعلن لنا محبة الآب وكرمه في المغفرة.

"يا ربّ، أنت تعلن قدرتك بنوع خاص حينما تصفح وترحم".

إننا، مهما تقصَّيْنا، فلن ندرك كامل جودة الآب هذه.

فالشيء الجوهري لا يقوم بعدم الرجوع إلى اقتراف الخطيئة،

بل بالمحبة، وبأن نكون قد تعلَّمنا محبته.

ستذهبون إلى السماء، لا لأنكم راضون عن أنفسكم، بل لأنكم راضون عن الله.

إن أبشع عدوّ لله هو هذا الشوق إلى الاستغناء عنه،

وأبشع خطيئة بحقّه تعالى هي الرغبة في عدم الرجوع إلى ارتكاب الخطيئة

("لأن الخطيئة تغيظني")، حتى لا نضطر إلى الالتجاء إليه مجدَّدا.

فهذه هي الكبرياء بأمّها وأبيها.

قوام الكبرياء، لا أن يفرط الإنسان في استحسان ذاته، فهذا زهو بسيط، قليل الخطورة،

بل هو أن يرفض أن يكون مصيره متوقفاً على غيره، هو في الانطواء على الذات،

في رغبة يائسة أن يكفي نفسه بنفسه، وألاّ يجد قوّته إلّا في نفسه.

يفضّل المتكبّر أن يكون شقيّاً شرط أن يكون وحيداً.

أما الصلاة فهي تسليم الذات، هي أن نقول لله:

"اعْمَل فيّ، اجعلني طَوْع يَدَيْك، بين يَدَيْك أستودع ذاتي".

لقد فاتت آدم هذه الثقة.

لقد أراد أن يتحقّق، ويلمس بيده، ويتحرّر، ويكون كائناً بذاته.

بينما يسوع قال: "يا أبتاه، بين يديك أستودع روحي".

إن فكرة الاستغناء عن الله، هذه الرغبة الحمقاء، تقودنا حتماً إلى الشكّ وعدم الإيمان.

فلا يستطيع الله أن يستجيب سُؤْلنا، ويغمرنا بوابل نِعَمه،

ويحرّرنا، ويثبّت دعائم وجودنا على هذه الأرض.

انّه أبونا في السماوات فقط.

وهكذا إننا نَشرَع في انتقاده وبُغضه، ونثور عليه، لأنه يأبى الامتثال لإرادتنا.

إن هذه الديانة كلّها - كلّ انفعالاتنا الدينية، وكلّ عباداتنا العاطفية أو المُغْرِضة،

هي تعظيم لهذه "الأنا "، وليست التقاء بهذه "الأنتَ الإلهيّة".

وكان من الواجب أن تنمو أنت، يا الله؛ وننقص نحن.

الإله الوثنيّ هو صنم.

فينبغي أن ننزع الإيمان بهذا الإله حتى نكتسب الإيمان الحقيقي من جديد.

وينبغي أن نزيل الأمل بعطاياه.

لأن إلهنا-الحقيقي- لا يأْلو جهداً لكي يبدّد هذه الآمال الهزيلة،

التي هي على مستوانا، على قَدْرنا، والتي نوقف طموحنا عندها بكلّ وَجَل،

وذلك يفتح عقولنا على رجاء يكون على مستواه هو،

ويدعونا إلى مقام يكون مقامَه هو، لنَعْبُر من عالمنا إلى عالمه.

"إنّ مملكتي ليست من هذا العالم".

"أبانا .. الذي في السماوات".

الصلاة الفائقة الطبيعة هي صلاة بنويّة، إنّها تُتلى "باسم يسوع" أي باسم الابن.

إنّها صلاة موحاة، تنحدر من علُ.

والصلاة "باسم الابن"، لا يُراد بها الإسراع في نهاية المقاطع "لأننا نعرف اللازمة"،

بل أن نقولها جيّداً لكي تنطلق الآلة: "بيسوع المسيح، ابنك وسيّدنا، الذي يحيا ويملك الخ..."

أن نصلّي باسم يسوع فهذا يعني أن نصلّي بروح المسيح،

بالروح الذي يصرخ فينا: "أبّا ، أيها الآب". (روما15:Cool

الصلاة المسيحيّة هي تلك التي يصلّي بها فينا الله نفسه،

هي التي تتركه بها يعمل فينا، ونترك بين يديه أنفسنا ليعمل بنا ما يشاء.

لأن الله هو الذي يصلّي فينا، والروح القدس هو الذي يصرخ فينا: أيها الآب، أبانا.

"كذلك الروح يعضد أيضاً ضعفنا، فإنّا لا نعلَم كيف نصلّي كما ينبغي،

ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا توصف" (روما26:Cool.

إنّ الله يصلّي فينا ، ويتنفس فينا.

الصلاة هي نقيض الكبرياء.

أن تصلّي، فهذا يعني أن تنفتح على شيء لا سلطان لك عليه،

أن تخضع مختاراً، لتدبير شخص آخر،

أن تفوّض أمرك، إلى من هو أعظم منك، أن تصير من جديد ابناً أو بنتاً.

"إلى الآن لم تسألوا باسمي شيئاً".

الصلاة تأتي من فوق، شأنها شأن كلّ عطيّة كاملة، وكلّ موهبة ممتازة،

إنّما تهبط من لدن أبي الأنوار (يعقوب17:1).

كثيرون قد ارتدّوا إلى الوثنيّة لدرجة أنّهم أصبحوا يعتقدون

أنّ الصلاة هي عمل بشريّ بَحْت، هي نداء إلى الله، خطاب إلى الله،

بينما الصلاة هي، قبْل كل شيء، عمل من الله فينا.

فلا نرتكبنّ، في الصلاة، أضلولة الدّيك

الذي كان يظنّ أنّه، بصياحه، يجعل الشمس تشرق.

كان الديك يظنّ أن الشمس كانت تشرق على صياحه،

وإذا هو لم يصح في صبح ما، فالشمس لن تطلع فيه.

غير أن الواقع هو أجمل بكثير ممّا كان الديك يفترض.

الشمس هي التي ترسل شعاع الفجر الناعم لتوقظ الديك من نومه.

ولم يكن الديك سوى منادٍ من قِبَل كلّ ما يحتوي عليه قلب الكَوْن

من نور، وحرارة وعطف ولطف.

ونحن، عندما نأتي إلى الصلاة، فلنهتِف فَرَحاً، ولنبدأ ببسمة الحبور.

الله في الشغل! ها انّه يعمل فينا،

ها انّه نجح في نسف المقاومة التي كنا نواجهه بها دون مهادنة.

انّه ربح منّا جولته الأولى: هذه البادرة التي لا تكاد تصدَّق وهي شروعنا في الصلاة.

وإذا ما بقينا الآن، وانتظرنا الوقت الكافي،

فسوف ندرك، ونتعلّم كيف أن الله قد استجاب سُؤلنا.

"...الذي في السماوات"؛

فهذه الصلاة هي اقتلاع، انّها تخطف ذاتنا منّا لتنقلنا إلى الله، وتَدَعُ الله يصير إلهاً فينا.

إنّها ترضى بأن تتعالى نحو السماء ، عوض أن تحاول اجتذاب الله الى الأرض.

سيمون وايل كانت تقول: لنحذَرْ من إرادتنا

التي تحطّم الميزان بينما تكون تمارس ضغطاً على ذراعه.

فإذا أردنا أن نعيد إليه التوازن فليكُنْ ذلك عن طريق تعديل حمولة كفَّتَيْه

بصبر حتى تخفّ كفّتنا المثقَلة، وتَرْجَح كفّة الله إذ يكون وزنها قد زاد.

إننا بحاجةٍ إلى أعجوبة حقيقية لكي نرفع ثقل هذا الجبل

الجاثم على كفّتنا من جرّاء همومنا، وسأَمنا، وثوراتنا.

ولكن الصلاة تصنع العجائب وتنقل الجبال.

عندما نقول: أيّها الآب، نكون قد قُلنا كلّ شيء، وانتهينا من كلّ شيء.

نعرف ما يتبع ذلك، إنّه، مرّةً أخرى، سيكلّفنا غالياً.

إذا كنتم تؤمنون بأن الله هو آب ، فقد أصبحتم عُزّلاً.

إن كان كلّ ما هو لك هو لي، فما عليّ إذَن إلّا أن أقول: كلّ ما هو لي هو لك.

إن هذا يعني أن تكون عطاء، وعطاء دائماً، وألّا تكون سوى عطاء.

("آه ! لو كنتِ تعرفين عطيّة الله ؟").

أن تكون، على الدوام ، بحاجة مطلقة إلى شخص آخر،

أن تكون، على الدوام، شَكِساً، متوتّر الأعصاب، ومشدوداً (ومصلوباً) نحو شخص آخر.

فهل نحن أَهْل لقبول الدخول في هذه اللعبة الرهيبة،

هذه اللعبة الإلهيّة؟ "بك نعرف عطيّة الله"

هذا ما نطلبه كلّ يوم في "استدعاء الروح القدس الخالق".

"لنعرفِ الآب ، لنصِرْ أبناء..." .

"نحن ورثة الله".

نعم، ولكن ما هو المقصود بهذا القول؟.. وماذا نرث؟..

الله لا يعرف إلّا أن يحبّ ويعطي، ولا يملك شيئاً آخر.

فهو، إذاً، لا يملك شيئاً آخر يعطينا إياه.

فماذا سنتلقّى منه؟.. لن ننال إلّا فضيلة العطاء.

فلكوننا أبناء الوارثين، سيكون لنا الامتياز في متابعة أفعال الله

الذي لا يفعل شيئاً إلّا العطاء، وبَذْل الذات.

ولذلك يتخلّى الكثيرون عن الميراث، ولذلك أيضاً، قليلاً ما نجسر أن نقول: أيّها الآب.

أن تقول: "أبانا الذي في السماوات"،

فهذا يعني أن تقبل راضياً بأن تكون ابناً مع الابن،

وابناً نظير الابن: بأن تتحوّل إلى ابن.

"فما يفعله الآب، يفعله الابن كذلك" (يوحنا 19:5).

ومن الأكيد أن هذا يؤلم، وأنّه مُضْنٍ.

من البديهي، بعد تلاوة الصلاة الربيّة،

أن نكون قد فرغنا من ذاتنا، نَعَمْ، فَرَغْنا.

ولكن، بأيّ زيغ نرى في هذا خسارة؟ ..

إذْ ذاك فقط يمكن أن يبدأ شيء آخر، فكيف لا نعرفه بَعْدُ ؟..

وكيف لا نفكّر بهذا: أيّها الآب، إن كنتَ أباً، إن كنتَ أبي،

فلن أخاف بعد الآن: إني أثق بذلك.

إن هذا سيبدو مخيفاً، ولكنني أُدرك أنّه لن يحصل شيء إلاّ ما هو خير، ومَرجوّ، ومفضَّل.

إن كنتَ أن ت، يا الله، من يقود، فالضّلال غير ممكن.

إنّي أحبّ ما تحبّ، وأريد ما تريد.

الصلوات التي كانت قبل المسيح، الصّلوات الوثنية،

هي محاولة مؤثِّرة للتقرّب، بقوانا البشريّة الضعيفة، من قوّة سريّة

يبدو أنه من الواجب أن نضحّي لها شيئاً لا نعرفه جيّدا.

غير أن هذا يقوّض حصون الأمل، ويضرم فينا ثورة دائمة.

"فهذا الذي فعلتُه كلّه في سبيل الله، وكلّ ما تخلّيتُ عنه لأجل الدّين،

وما كنتُ اشتريته بقيمة تلك التضحيات لو أنني لم أعملها،

وقد عملتُها معتقداً بأنّها تفيد شيئاً: فهل حصلتُ على شيء مقابل كلّ هذا؟..".

الجواب الوحيد على هذه الثورة

هو أن نقبل أن نؤْمن ونصلّي ونحن عارفون بأن الله لن "يفيدنا" شيئاً،

بل أننا سنخدم الله، ونذهب إليه، ليس لكي يرضينا،

بل لنكون مقدَّسين: "لا يستطيع أحد أن يرى الله ويحيا".

فأوّل ما يصنعه الله فينا إذَنْ، إذا ما اقتربنا إليه،

هو أنّه يميتنا عن أفكارنا، وطموحاتنا - حتى الروحيّة –

وعن حساباتنا - حتى البنّاءة-، وعن استحقاقاتنا،

وعن كل هذه التراكيب التقويّة التي نضعها ستاراً بين الله وبيننا.

فحالما نُدْرك هذا، حالما تجري هذه العودة، نجد السلام.

أمّا قبل ذلك فنحن نظير إنسان يسير في موكب باتجاه معاكس: الكلّ يرتطمون ويصطدمون،

ويزحمونه، وهو يتأذى من ذلك؛ ومع هذا، لا أحد يضمر له الشّر.

لكن يكفي أن يرتدّ إلى الاتجاه الصحيح حتى يرى

أن كلّ الذين كانوا، منذ قليل، يصدمونه،

هم الآن يحوطونه بالإكرام، ويحملونه، ويرفعونه.

بوسع الصلاة الفائقة الطبيعة أن تقول للصلاة الطبيعية، الصلاة الوثنية، ما قاله المسيح لليهود:

"انتم من أسفل، وأنا من فوق، انتم من هذا العالم وأنا لستُ من هذا العالم"(يوحنا23:Cool.

لقد آمنتم بأني من الله خرجت.

صلُّوا باسمي، صلُّوا كما أصلّي أنا، اذهبوا إلى حيث أذهب:

إني اترك العالم وأمضي إلى الآب، وأدخل في مصالح الآب،

ورؤى الآب، ومحبّة الآب - الذي أحبّ العالم هكذا حتّى أرسل ابنه.

تتساءلون عن فرح الآب؟ لمَ لا تتمنّونه؟

فهو أن تكونوا أنتم سعداء؛

تتساءلون عن حياة الآب؟

هلمّوا اختاروها : فهي أن تَحْيَوا أنتم .

"والحياة الأبديّة هي أن يعرفوك، أنت الإله الحقيقي الوحيد، والذي أرسلتَه، يسوع المسيح...

أيّها الآب، حتى يَعْلَم العالم أنك أرسلتني وأنك أحببتهم كما أحببتني " (يوحنا23:17) .

لا يقوم الدين، بما نفعله في سبيل الله، بل يقوم بالأعمال الخارقة التي صنعها الله لأجلنا:

التجسّد، الصَّلب، القيامة، حلول الروح القدس - تدفّق لله علينا -،

الصلاة، القدّاس، المناولة- الله يقدّم لنا ذاته،

الله ينتشر فينا بكل الطرق.

أنضجر من الصلاة ؟.. ما همّ.

لنسارِعْ إليها ما دام الله يُسَرّ بها ، ما دام هو يدعونا إليها!

فلننضمّ إليه في المكان الذي سبقنا إليه.

الله يفرح بأن يرانا بالقرب منه.

الله يحبّ أن يعطينا؛ علينا أن نؤمن بهذا.

فَمَن الذي لا يذهب إذَنْ إلى السجود بحماسة؟..

ومن الذي لا يرغب، إن كان مؤْمناً بهذا،

أن يذهب ويفرّح قلب الله مستجيباً لحنانه وراضياً بهذا الحنان؟

الصلاة قائمة بهذا: إنّها تفصلنا عن ذاتنا وتجعلنا متّحدين بالله تعالى،

إنّها تُميتنا عن حياتنا لنحصل على حياته،

إنّها تحملنا على نسيان طريقة صلاتنا لنتعلّم طريقته هو.

إذْ ذاك تُستجاب صلاتنا.

فإذا صلّينا كالمسيح، فسنُستجاب كالمسيح.

"إلى الآن لم تسألوا باسمي شيئاً،... كلّ ما تسألون الآب باسمي يعطيكموه" (يوحنا 24-16:23)

وبعد قليل يضيف قائلاً:

"والآن أترك العالم وأمضي إلى الآب" (يوحنا28:16).

أن نتوق إلى ما يتوق إليه الابن :الآب.

أن نطلب ما يطلبه الابن: ملكوت الآب.

فهذه الصلاةُ تُستجاب دائماً: "كل ّما تسألون باسمي".

فهل وعينا المسؤولية التي تستلزمها هذه الصلاة؟..

إنّها وظيفة طقسية، كهنوتية ، تُسنَد إلينا.

إذا صلّينا، نجعل الملكوت يأتي،

ونعجّل تقديس اسم الآب،

ونرجع أبناء إلى الآب، ونتمّم إرادته.

وكلّ مرّة نتقاعس عن إتمام هذه الصلاة ، نؤخّر مجيئه الإلهيّ .
طلال فؤاد حنوكة ايشوعي
طلال فؤاد حنوكة ايشوعي

عدد الرسائل : 1971
العمر : 63
تاريخ التسجيل : 31/03/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى