بحـث
المواضيع الأخيرة
أثر كتابات رجال الدين في تشويه هوية الكلدان القومية
صفحة 1 من اصل 1
أثر كتابات رجال الدين في تشويه هوية الكلدان القومية
الدكتور عبدالله مرقس رابي
كندا
يعد هذا الموضوع مكملا لمقالتي السابقة الموسومة ( الدور السلبي لرجال الدين في المجتمع المعاصر ) ولاهميته في الظروف الراهنة لشعبنا خصصت هذه المقالة لمناقشة وطرح الدور الاكثر سلبا لرجال الدين من حيث كتاباتهم وبعض طروحاتهم وخطبهم في تشويه هوية الكلدان القومية. اذ تعد كتابات رجال الدين من العوامل المؤثرة في تشويه هوية شعبنا القومية لعدم وضوح المفهوم القومي في معظم كتاباتهم وغالباً ما يمزج هؤلاء بين المفاهيم الدينية و القومية. وقد طالعت العديد من الكتب والمقالات التي كتبها الاباء والاساقفة والكهنة والرهبان عن تاريخ الكنيسة وشؤونها, ومن هذه المتابعة أثارت انتباهي بعض العبارات والنصوص التي تشوه وتزيد المفاهيم القومية واللغوية غموضاً. فعلى سبيل المثال لا الحصر هذه العبارات التي جاءت في متن بعض الكتب والمقالات.
ففي المقال الموسوم (أرشيف البطريركية الكلدانية) للاب بطرس حداد, جاء "ان السلف الصالح كان يعتز باللغة الكلدانية فالمراسلات بين البطريركية والاكليروس كانت تتم بهذه اللغة الشريفة وتراجعت تدريجياً في عهد البطريرك عمانوئيل". واما في مقدمة مقاله في مجلة نجم المشرق عدد 3/4 استخدم عبارة "لمناسبة احتفال الطائفة الكلدانية" وفي المقال نفسه كتب عبارة "السجل مكتوب بالكلدانية" وعنون مقال اخر بعبارة " الكتابات السريانية في ديارات المشارقة". والكاتب الاب جاك اسحاق اطلق على أحد كتبه( المخطوطات السريانية والعربية في خزانة الرهبانية الكلدانية في بغداد).
واما الكاتب الكنسي الاب البير ابونا فهو اكثرهم تخبطاً في استخدام المفاهيم, ففي مقال الموسوم (تطور الفكر اللاهوتي في كنيسة المشرق) جاءت عبارة "كانت لغة التعبير عن الديانة المسيحية هي الارامية في معظم مناطق بين النهرين....الخ" ويذكر في هوامش كتاب الرؤساء لتوما المرجي "والاب بولس بيجان الذي اعاد طبع النص الكلداني وغيره ممن كتبوا في الاداب السريانية.وجاء في سنة 1893 قام العلامة المستشرق الانجليزي السير ي.أبدج بنشر نص الكتاب باللغة الكلدانية, وايضاً حتى ان المرء ليعجب من سعة اطلاع هذا العالم على دقائق اللغة الكلدانية"
وتسمية جديدة غريبة جاء بها الاب البير ابونا هي " الكنيسة الكلدانية السريانية الشرقية الكاثوليكية" يا له من مجتمع او مذهب جديد مركب التسمية. وعنون احد كتبه بعبارة "تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية". وفي كتابه هذا جاءت عبارة " تقويم قديم للكنيسة الكلدانية النسطورية" وله كتاب بعنوان (ادب اللغة الارامية). وعنون الاب لويس ساكو (المطران حاليا ) احد كتبه بعبارة "اباؤنا السريان". وسمى الاب حنا شيخو احد كتبه بعبارة "كلدان القرن العشرين, دراسة مجملة عن المجتمع الكلداني". وفي مقال للمطران عمانوئيل دلي ( البطريرك حاليا ) في مجلة نجم المشرق جاءت عبارة " وكتبت الرسالة باللغة الكلدانية."وهناك العديد من الكتب والمقالات المليئة في طياتها مثل هذه العبارات الغامضة لا مجال لذكرها .
ومن متابعتي لبعض الخطب والتصريحات لاباء الكنيسة في المناسبات العديدة تبين ايضا الغموض وعدم الوضوح في طروحاتهم .على سبيل المثال ما جاء في خطاب البطريرك روفائيل بيداويد, امام البابا يوحنا بولس الثاني في الفاتيكان في 14 تشرين الاول 1994, عبارة "الكنيسة الكلدانية" عدة مرات, وفي حديثه في المقابلة التلفزيونية لمحطة لبنانية بأن " الكلدان مذهب والشعب الكلداني اشوري"فهو لايميز بين المذهب الديني والقومية.ذلك الحديث الذي استغله بعض افراد وكتاب الشعب الاشوري كورقة للترويج وتحقيق هدفهم الطوبائي لالغاء القومية الكلدانية اذ انه مجرد تعبير عن رايه الخاص فلا يمثل رأي المفكرين و الباحثين, وكيف استنتج ذلك ولم يستند على نظرية أو فرضية علمية, وان قصد البطريرك بيداويذ ان الكلدان كانوا نساطرة قبل دخولهم في الكثلكة, هذا لا يعني ان كل من يتبع التعاليم النسطورية في الكنيسة الشرقية هو اشوري .ففي الماضي بحسب الحقائق التاريخية المعروفة كانت قبائل كلدانية في مركز الكنيسة الشرقية (كوخي) المدائن وما حولها تتبع التعاليم النسطورية علاوة على ان هناك دلائل تاريخية تشير الى تهجير العديد منهم عبر العصور المختلفة نحو شمال بلاد النهرين, اضافة الى قبائل عربية وفارسية وتركمانية ومغولية وهندية وغيرها اتبعت الكنيسة الشرقية النسطورية مما يدل على ان كل اتباع هذه الكنيسة ليسوا من الاشوريين, لقد ضمت شعوباً مختلفة من قبرص غرباً الى جاوة والتبت والصين وسومطرة ومنشوريا والهند شرقا. ولاغرابة أن يكون البطريرك بيداويذ اشوريا ويرأس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية طالما يتميز بسمات تؤهله لرئاسة هذه الكنيسة .فالدين لايربط بين الرئاسة والقومية والعشائرية ,حيث إنتشر الرسل والمؤمنين الاوائل في ارجاء العالم وترأسوا كنائس لشعوب تختلف عن إصولهم العرقية . ومن جهة اخرى لا يعد الالتزام برأي رجل الدين عن امور غير دينية واجب ,فهذه مسألة قومية اجتماعية سياسية وليست مسألة اجتهاد او تفسير ديني كمنح صفة القديس لأحد الرهبان أو الاساقفة على سبيل المثال, أو تغيير في الطقوس الدينية, حينها يقول الجميع نعم لأنه رأس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية.
وفي عام 1999 التقيت مع ثلاثة مطارنة من الكلدان في الاردن وانا في طريقي الى المهجر ودار الحديث معهم حول هذا الموضوع للاستفادة من معلوماتهم اذ كنت منشغلا في تأليف كتابي (الكلدان المعاصرون ) فطرحت عليهم سؤالا : من هم الكلدان ؟ وقد أجاب أحدهم ان الكلدان شعب قديم لا نعرف عنه شيئا ,وقال الثاني ان الكلدان هم جزء من مسيحي العراق , وأما الثالث أجاب ان الكلدان هم الاراميون وسمي فيما بعد بالكلدان . في الحقيقةتدل هذه الاجابات على النقص الفعلي في معلوماتهم عن الكلدان واصولهم وعن المفاهيم القومية فلا يمكن الاعتماد عليهم في نشر الوعي القومي بين افراد شعبنا .
يبدومما تقدم الغموض وعدم الدقة جلياً في استخدام هؤلاء الاباء للمصطلحات القومية في كتاباتهم الدينيةوطروحاتهم, حيث التناقضات الواضحة بينهم واحياناً عند الكاتب نفسه في ذات المقالة, اذ يستخدم تعابير متعددة ويعني بها مفهوما واحدا, وهذه العبارات او المفاهيم المستخدمة هي : الكلدان, اللغة الكلدانية, اللغة الارامية, اللغة السريانية, الطائفة الكلدانية, الكلدانية السريانية, الكلدانية النسطورية, السريانية, الشعب الكلداني, المجتمع الكلداني, الاداب السريانية, النص الكلداني, الناطق بالسريانية, الاشورية, الاثورية, كلد واثور, ألا تثير الدهشة والحيرة هذه المفاهيم المتناقضة الغريبة والتي تربك الفرد الكلداني وتؤثر عليه سلبا في شعوره القومي وفهم قوميته!. وبالاخص العامة من الشعب اذ كما اشرت سابقا معظمهم يعتقدون ان ما يأتي به رجال الدين هو الاصح ولايجوز مناقشتهم ,بالاضافة الى اعتقاد البعض ان دراسة اللغة وما يتعلق بتراث شعبنا مرتبط بالكنيسة وهذا خطأ شائع .
ساهم رجال الدين في دراسة تاريخ الكنيسة و امجاد الاباء وانتشار المسيحية في بلادنا مساهمة قيمة وجادة, بينما اخفقوا في تحديدهم للمفاهيم القومية, بالطبع هذا ليس من اختصاصهم,فقد اقتصرت دراستهم قبل رسامتهم الكهنوتية على اللغة الارامية الحديثة والعلوم الدينية والقوانين الكنسية دون دراسة تاريخ الاقوام والبلدان والحضارات والدراسات الاجتماعية. وعليه الالتزام بالحذر عند استخدام المفاهيم المذكورة اعلاه لكي لا يزيد من تشويه الافكار عند القارئ الكلداني, فهذه مسألة بعيدة عن اللاهوت اعني-المسألة القومية واللغوية- فهي ظواهر اجتماعية نفسية موضوعية وواقعية تحتاج الى البحث والاستقصاء المبني على المنهجية العلمية .
طلال فؤاد حنوكة ايشوعي- عدد الرسائل : 1971
العمر : 63
تاريخ التسجيل : 31/03/2010
مواضيع مماثلة
» رأي البطريرك مار بيداويذ في القومية
» لماذا أُهمِلَ دور الكلدان ؟
» بصراحة يا اخوَتنا الكلدان
» ألعلماء في حيرة عن اسم أور الكلدان
» الكلدان في الكتاب المقدس
» لماذا أُهمِلَ دور الكلدان ؟
» بصراحة يا اخوَتنا الكلدان
» ألعلماء في حيرة عن اسم أور الكلدان
» الكلدان في الكتاب المقدس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت فبراير 17, 2024 4:02 am من طرف Jo Hermiz
» رمش عيد ختان الرب 2022
الخميس فبراير 15, 2024 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» الجمعة الرابعة من السوبارا
الأربعاء فبراير 14, 2024 5:43 pm من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا
الخميس سبتمبر 01, 2022 3:32 pm من طرف Jo Hermiz
» شبح لالاها معشنان
الثلاثاء مايو 03, 2022 5:20 am من طرف Jo Hermiz
» تشبوحتا دمثأمرا بسهرة الحش يوم خميس الفصح بعد الانجيل
الجمعة أبريل 15, 2022 3:04 pm من طرف Jo Hermiz
» شليحا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الخميس أبريل 14, 2022 3:09 pm من طرف Jo Hermiz
» قريانا دعيذا قديشا دقيمتيه دمارن
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:48 pm من طرف Jo Hermiz
» قولاسى دقوداشا تليثايا تسجيل جديد
الأربعاء أبريل 13, 2022 3:06 pm من طرف Jo Hermiz