رسالة الخادم

لو تاملنا في كلمة " خادم" فسنجد انها تحمل في طياتها خمسة مصطلحات رئيسيه لا تنفصل ابدا :
فان تكون خادما يعني ان هناك :
1- خدمه تؤديها

2- قائم علي تنفيذ الخدمه ..الذي هو انت.. الخادم

3- مخدوم رئيسي يخدمه الخادم ..و هذا هو " السيد " الذي عين بنفسه هذا الخادم ..و الذي يدين له الخادم وحده بالولاء و الطاعة و يتفاني في خدمته

4- مخدومين من " رعايا" المخدوم الرئيسي ..كابناء هذا السيد و احبابه و محبيه و اصدقائه و من وضع هو في اجندته ان يدعوهم لبيته او يقوم بزيارتهم

5- اللصوص و الوحوش المفترسه و اعداء السيد صاحب البيت..و هؤلاء هم من يقوم الخادم بتادية خدمته لسيده برغم محاولات هؤلاء عرقلة هذه الخدمة و ابطالها و بالاخص الدور الدفاعي الذي يؤديه الخادم فيها لكي يتسني لهم التسلل لبيت هذا السيد و نهب كل ماله و تدمير بيته ان امكن .

و الخدمة.. اخي الخادم ..تتلخص بكل معانيها و المصطلحات التي تنطوى عليها في دعوة السيد المسيح له كل المجد لتلميذه بطرس الرسول قائلا :

[size=29]" ارع خرافي"

و لو تاملنا مليا في هاتين الكلمتين " ارع ..خرافي" سنجد معان كثيره عميقه جدا تحدد معالم الطريق للخادم و تحدد له مفهوم الخدمة علي الوجه الاكمل ..

فصيغة الامر في الفعل " ارع "...تعني ان الخدمة :

1- تكليف الهي.. بامر الهي.. و دعوة الهية.. و ليست بانتخاب او ترشيح من قبل البشر او المخدومين من رعايا السيد لانه حتي وان تم ذلك التكليف بالخدمه بناءا علي الانتخاب و الترشيح من قبل البشر ( كترشيح راع للكنيسه مثلا او بطريرك) فانما يتم " بارشاد الروح القدس" العامل في ضمائر المنتخبين..و من هنا نرى ان التكليف للخادم هو نابع من السيد صاحب البيت و الخراف شخصيا ...و لذا فعلي الخادم الذي يدعوه السيد بنفسه للخدمة ان يتقدم فورا لاستلام مكانه في الخدمة دونما ابطاء و دونما انتظار لترشيح من المخدومين انفسهم ..لانه غالبا ما يكون ما يريده المخدوم لنفسه مخالفا تماما لما يريده السيد نفسه لهذا المخدوم

2- الخدمة امر ..و ليست طلب يطلبه السيد من خادمه ..و لذلك فلا مجال هناك للمناقشة من قبل الخادم في تنفيذ الامر و اداء الخدمة التي تم تكليفه بها ..و ينبغي علي الخادم اطاعة امر سيده فورا ...بمعني انه لو كان الامر " اذهب اكرز بالانجيل " او " احرس كنيستي " مثلا ..فعلي الخادم تنفيذ الامر فورا و بلا ابطاء ..و الا فمصلحة السيد قد تتعطل بسبب تواني الخادم و ابطاؤه في تنفيذ الامر بالخدمه.

3- الخدمة رعاية في المقام الاول و معني انها " رعاية" يجعل "المحبة " جزءا لا يتجزاء من مفهوم الخدمه ..فلا رعاية الا ان كانت نابعة من محبة..و تلك الرعاية تمتد و تتسع لتشتمل علي مفاهيم كثيره و اكثر من ان تعد ..فالرعاية تشمل الحنو و المعامله الحسنة و اللطف و بذل المحبة بلا حدود و للجميع بلا تفرقة و السهر علي راحة المخدومين خاصة السيد( اي الذين يخصون السيد)..و السهر علي حمايتهم ..و تو فير الغذاء الروحي باستمرار لهم ..و تامينهم صحيا ( اي ..ايمانيا) من الامراض و اسقام النفس بالحرص الدؤوب من الخادم علي تامين كل نوافذ و مداخل البيت و مخارجه و " فحص الطعام و الشراب" المقدم للمخدومين لئلا يسرب اعداء السيد لهم وباء يقضي علي كل من في البيت..و السهر علي المرضي منهم - سواء المرضي باسقام الجسد ام المرضي باسقام الروح - حتي يتعافوا و يتماثلوا الشفاء ..و السهر ايضا علي تامين البيت و النائمين فيه من اللصوص و الذئاب الخاطفه التي لا تكل و لا تمل من الدوران حول البيت ليلا و نهارا لتكتشف ثغرة تتسلل فيها الي البيت في غفلة من الخادم .

و لتوفير تلك الرعاية علي الوجه الاكمل و علي النحو الذي يرضي السيد صاحب البيت ينبغي علي الخادم ان :

1- ينسق جهوده مع اخوته الخدام المكلفين بالخدمة بالمحبة الاخوية و ليس بكرباج السيد المتسلط علي العبيد..فيكلف هذا بحراسة الباب ..و هذا بفحص الغذاء و كل طعام يدخل الي البيت من الخارج للتاكد من سلامته و خلوه من السموم و الجراثيم المسببة للاوبئة ..و يكلف هذا بالسهر علي المرضي من المخدومين حتي يتعافوا..و يكلف هذا بمراقبة اي دخيل علي البيت تحسبا من خداع و مكر اللصوص و الذئاب.
2- يبتر الخلافات فورا بين اخوته الخدام ..لانه وسط عراك خدام البيت و انشغالهم بخلافاتهم الشخصية تكون هناك ابواب و نوافذ متروكه بلا حراسة و في غفلة من حراسها الخدام الذين تركوها ليتفرغوا لعراكهم مع بعض ..يتسلل اللص القاتل المحترف ..و الذئب الخاطف الذي لا يرحم و لا يشفق ..فتقع مذبحة ماساوية ..و تكون العواقب وخيمة بسبب انشغال خدام البيت بتصفية خلافاتهم الشخصية و توانيهم عن التواجد في اماكنهم لتادية الخدمة و الواجب المكلفين به.
3- يراقب باستمرار اي تخاذل او تقصير من اخوته الخدام في اي جانب من جوانب الخدمه.. و ان وجد تقصير ..فاما ..يسد هو بنفسه و بمنتهي المحبة اوجه التقصير هذه ..و اما يقوم بلطف اخوى و بمحبة اخوية بلفت نظر اخوته الي اوجه التقصير في خدمتهم .
4- يلاحظ باستمرار "مستوى الاداء" في الخدمه ..فالخدمة لابد و ان تؤدي علي اكمل وجه و علي النحو الذي يرضي السيد صاحب البيت فقط و ليس ابدا علي النحو الذي يراه الخادم نفسه مرضيا لنفسه او الذي يراه المخدومين مرضيا لهم ..لانه غالبا ما يكون ما نراه مرضيا لانفسنا الضعيفة التي تفتقر للحكمة لا يكون حقيقة مرضيا للسيد صاحب البيت الذي نخدمه .

و للموضوع تكملة ..
سلام المسيح للجميع .
[/size]